حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حرف جر لأربعة عشر معنى

صفحة 290 - الجزء 1

  ١٥٣ - كَفَى تُعَلا فخراً بأنَّكَ مِنْهُمُ ... قَلِيلُكَ لا يقال لَهُ قَلِيلُ

  ولم أر من انتقد عليه ذلك؛ فهذا إما لسهو عن شرط الزيادة، أو لجعلهم هذه الزيادة من قبيل الضرورة كما سيأتي، أو لتقدير الفاعل غير مجرور بالباء، و «ثُعل»: رَهْط الممدوح وهم بطن من طيئ وصرفه للضرورة إذ فيه العدل والعلمية كـ «عُمَر»؛ و «دهر»: مرفوع عند ابن جنّي بتقدير: وليفخر دهر؛ و «أهل»: صفة له بمعنى «مستحق»؛ واللام متعلقة بـ «أهل»؛ وجوز ابن الشجري في «دهر» ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون مبتدأ حذف خبره أي: يفتخر بك، وصح الابتداء بالنكرة لأنه قد وصف بـ «أهل»؛ والثاني كونه معطوفاً على فاعل «كفى»، أي: أنهم فخروا بكونه منهم وفخروا بزمانه لنضارة أيامه وهذا وجه لا حذفَ فيه؛ والثالث أن تجره بعد أن ترفع «فخراً»، على تقدير كونه فاعل «كفى» والباء متعلّقة بـ «فخر»، لا زائدة، وحينئذ تجر «الدهر»


  قوله: (كفى الخ) كفى فعل ماض وثعلاً مفعول وفخراً حال أو تمييز وبأنك فاعل ودخلت عليه الباء أي يكفي هذا الفريق من جهة الفخر أنك منهم أي كونك منهم يكفيهم فخراً. قوله: (من انتقد) أي: اعترض على المتنبي حيث أدخل الباء على المتعدية لواحد. قوله: (فهذا) أي: عدم الانتقاد إما سهو من شراحه عن شرط الزيادة وهو كون كفى قاصرة ورد بأن كفى تزاد فيها الباء ولو كانت متعدية فلا يشترط في الزيادة كونها قاصرة.

  قوله: (أو لتقدير الخ) أي: بجعل الفاعل فخر ولا نجعله مجرور الباء. قوله: (رهط الممدوح) أي: قبيلته قوله: (العدل) أي: عن ثعل والتحقيق أن ما كان على وزن فعل إن ورد منوناً فهو مصروف، وإن ورد غير منون قدر أنه معدول وحينئذ فثعلا مصروف لا أنه ممنوع من الصرف خلافاً للمصنف. قوله: (بتقدير الخ) أي: فهو فاعل بمحذوف أي وليفخر وهو مستحق؛ لأن أمسيت من أهله أي أن الدهر لما استحق أنك من أهله فليفخر بذلك. قوله: (واللام) أي: في قوله لأن أمسيت متعلقة بأهل أي لما فيه من معنى الوصفية. قوله: (أحدها) أي: على تقدير رفعه فهذا وجه لحالة الرفع. قوله: (حذف خبره) أي: ودهر مستحق لكونك من أهله يفتخر بك قوله: (لأنه قد وصف) أي: فهو متخصص بالوصف أي فقد قرب من المعرفة بسبب تخصيصه قوله: (على فاعل كفى) أي: باعتبار المحل لأن محل الجار والمجرور الذي هو فاعل رفع، والمعنى حينئذ كفى ثعلاً من الفخر شيآن كونك منهم ودهر مستحق كونك من أهله فحاصله أن أهله افتخروا بشيئين الأول كونه منهم، والثاني الدهر فقوله أي أنهم فخروا الخ محل معنى لا محل إعراب. قوله: (لنضارة أيامه) أي: حسنها ورونقها قوله: (والباء) أي: في قوله بأنك


١٥٣ - التخريج: البيت للمتنبي في (ديوانه ٣/ ٣٠٧).

اللغة: ثعل: قوم من طيّئ. الدّهر: هو الزمان قل أو كثر.

المعنى: حسب قومك فخراً أنهم أنجبوك، وحسب زمانك أنك واحد من أهله المتميزين.