حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الرابع عشر: التوكيد

صفحة 293 - الجزء 1

  وقال ابن الضائع في الأول: إن الباء متعلقة بـ «تنمي»، وإن فاعل «يأتي» مضمر، فالمسألة من باب الإعمال.

  وقال ابن الحاجب في الثاني: الباء مُعَدِّية كما تقول: «ذَهَبَ بنعلي»، ولم يتعرض لشرح الفاعل، وعلام يعود إذا قدّر ضميراً في «أودى»؟ ويصح أن يكون التقدير: أودى هو، أي: مُودٍ، أي ذَهَبَ ذاهب، كما جاء في الحديث: «لا يَزني الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمر حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»، أي: ولا أي: الشارب؛ إذ ليس المراد ولا يشرب الزاني.

  والثاني مما تزاد فيه الباء المفعول نحو: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}⁣[البقرة: ١٩٥]، {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}⁣[مريم: ٢٥] {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}⁣[الحج: ١٥]، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ}⁣[الحج: ٢٥]، {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ}⁣[ص: ٣٣]،


  قوله: (ابن الضائع) بضاد معجمة وعين مهملة، وقوله: في الأول أي البيت الأول. قوله: (من باب الإعمال) أي: المسمى بالتنازع وهذا على مذهب البصريين الذي يعملون الثاني ويضمرون في الأول الفاعل قبل الذكر. قوله: (من باب الإعمال) أي: لأن كلا من يأتيك وتنمي يطلب ما لاقت الأول يطلبه على أنه فاعل والثاني على أنه مفعول، وأعمل الثاني فجره بالباء وأضمر في الأول فاعله وهذا بناءً على مذهب البصريين من أنه يضمر الفاعل قبل الذكر قوله: (في الثاني) أي: في البيت الثاني. قوله: (الباء معدية) أي: لا زائدة. قوله: (ذهب بنعلي) أي: فجعل أودى بمعنى ذهب، وأما على القول بالزيادة فمعناه هلك كما قال اللغويون.

  قوله: (ولم يتعرض لشرح الفاعل) أي: هل هو اسم ظاهر أو مضمر. قوله: (وعلام يعود) أي: ذلك الفاعل. قوله: (ويصح أن يكون التقدير الخ) أي: أن الضمير عائد على اسم فاعل أودى أي أودى هو أي مودٍ أي ذهب ذاهب كما أنه في الحديث الضمير عائد على اسم فاعل يشرب وهو الشارب أي ويصح أن يكون الفاعل هو ضمير المصدر أي ذهب الذهاب. قوله: (أودى هو) ليس الفاعل المستتر هو هذا الضمير البارز بل توكيد له فالضمير راجع إلى ما يقتضيه الفاعل من المحل الذي قام به اهـ دماميني. قوله: (وهو مؤمن) المنفي كما له أو أنه يرفع ويرد وحالة الرفع حكمه مستمر عليه فإن مات مات مسلماً. قوله: (إذ ليس المراد ولا يشرب الزاني) أي: لأنه يفيد تقييد الوعيد بمن جمع بين وصفي الزنا وشرب الخمر فلا يعود الضمير المستتر في يشرب إلى الزاني بخصوصه بل إلى الشارب من حيث هو زانياً كان أو غير زان قوله: (المفعول) وزيادتها معه غير مقيسة مع كثرتها نص عليه ابن أم قاسم في الجنى الداني اهـ دماميني. قوله: (فليمدد بسبب) أي: سبباً أي حبلاً إلى السماء أي سقف بيته. قوله: (ومن يرد فيه) أي: في المسجد