حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (ثم) ويقال فيها: «فم»، كقولهم في «جدث»: «جدف»

صفحة 318 - الجزء 1

  وخرجت الآيةُ على تقدير الجواب، والبيت على زيادة الفاء.

  وأما الترتيب فخالف قوم في اقتضائها إياه، تمسكاً بقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}⁣[الزمر: ٦]، {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ٧ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٨ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ}⁣[السجدة: ٧ - ٩]، {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٥٣ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}⁣[الأنعام: ١٥٣]؛ وقول الشاعر [من الخفيف]:


  بالعين المهملة أي راجعاً أي عن ذلك الهوى. قوله: (على تقدير الجواب) أي: وما بعد ثم عطف عليه.

  قوله: (على تقدير الجواب) أي: والأصل لجؤوا إليه وتابوا ثم تاب الله عليهم الخ أي قبل توبتهم. قوله: (على تقدير الجواب) وقيل: إذا لمجرد الزمان أي فلا تحتاج لجواب أي خلفوا إلى هذا الوقت اهـ شمني قوله: (على زيادة الفاء) أي: لأنه قد عهد زيادتها في بعض المواضع بيقين ولم يعهد زيادة ثم بيقين وإذا دار الأمر في محل بين زيادة كل حمل على ما عهد له نظير دون ما لم يعهد له نظير. قوله: (خلقكم من نفس واحدة) وهو آدم ثم جعل منها زوجها وهو حواء فخلق حواء لم يكن بعد خلق الذرية فثبت أن ثم استعملت بمعنى الواو مجاز للاتصال الذي بينهما في معنى العطف فالواو المطلق العطف وثم لعطف مقيد والمطلق داخل في المقيد فبعث أي بينهما اتصالاً معنوياً فيجوز أن تستعمل بمعنى الواو، فقال هؤلاء القوم بذلك تمسكاً بهذه الآية ثم إن قول المصنف هو الذي الخ كذا وجد في غالب النسخ وهو سهو في التلاوة بلا شك إذ ليس في القرآن في هذا المعنى آية جمع فيها بين هو الذي وكلمة ثم فالآية التي في الزمر ليس فيها هو الذي وفيها ثم وهي خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج، وأما الآية التي فيها هو الذي خلقكم فهي في سورة الأعراف وليس فيها، ثم وإنما هي هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها والاستشهاد حاصل بآية الزمر. قوله: (وبدأ خلق الإنسان) أي: الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان وهو آدم من طين ثم جعل نسله أي ذريته سميت نسلاً لأنها تنسل أي تنفصل وتخرج من صلبه، وقوله من ماء بدل مما قبله وقوله مهين أي ضعيف صفة.

  قوله: (ثم سواه ونفخ) الشاهد في ثم هذه الثانية لا الأولى، فإن تسوية آدم لم تكن بعد جعل نسله ماء مهين. قوله: (ونفخ فيه) أي: أدخل فيه شيئاً من روحه أي مما من اختص هو بعلمه. قوله: (ذلكم وصاكم به) هذا خطاب لهذه الأمة وقوله ثم آتينا موسى الخ، الاستشهاد واضح؛ لأن إتيان موسى الكتاب كان سابقاً على الوصية فلا تكون ثم


= المعنى: تتجدّد أشواقي وميولي في كل يوم، فأصبح لأكون صاحب ودّ، فإذا أمسيت أغادر إلى مكان آخر، وهكذا.