حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (ثم) ويقال فيها: «فم»، كقولهم في «جدث»: «جدف»

صفحة 319 - الجزء 1

  ١٧٤ - إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سادَ أَبوهُ ... ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدَهُ

  والجواب على الآية الأولى من خمسة أوجه:

  أحدها: أن العطف على محذوف، أي من نفس واحدة، أنشأها، ثم جعل منها زوجها.

  الثاني: أن العطف على {وَاحِدَةٍ} على تأويلها بالفعل، أي من نفس تَوَحَّدَتْ، أي: انفردت. ثم جعل منها زوجها.

  الثالث: أن الدرية أخرجت من ظهر آدم # كالذر، ثم خُلقت حواء من قُصَيْرَاه.

  الرابع: أن خَلْق حواء من آدم لما لم تَجْزِ العادة بمثله جيء بـ «ثم» إيذاناً بترتبه


  للترتيب. قوله: (ثم ساد أبوه) لا شك إن سيادة الأب قبل سيادة الابن وسيادة الجد قبل سيادة الأب فثم ليست للترتيب والشاهد فيه في موضعين قوله: (ثم قد ساد) بإثبات قد إذ لا يستقيم الوزن إلا بها وقوله قبل ذلك جده بإسكان الهاء وهو من الخفيف. قوله: (والجواب عن الآية الأولى) أي: وهي خلقكم من نفس واحدة ثم جعل الخ. قوله: (أي من نفس واحدة أنشأها) أي: وحذف ذلك لدلالة المعنى عليه ووجه الدلالة أن من في قوله تعالى من نفس واحدة تدل على أن النفس مبدأ ومنشأ للخلق وعلى أنها مخلوقة منشأة إذ يستحيل أن يكون غير المخلوق منشأ للمخلوق.

  قوله: (أن العطف على واحدة) أي: لا على خلقكم قوله: (على تأويلها بالفعل) كما في قوله تعالى: فالق الإصباح وجعل الليل على قراءة عاصم أي فلق الإصباح وجعل وكما في قوله تعالى: والطير صافات ويقبضن أي يفصففن ويقبضن فكذا هذه الآية. قوله: (توحدت) كان الأولى أن يقول وحدت لوجهين أحدهما أن واحدة ليست مأخوذة من المزيد، وإنما هو مأخوذ من الثلاثي وقد سمع وحد كعلم ووحد كظرف بمعنى انفرد الثاني أنه كان يحسن حينئذ تفسيره بانفردت لأن استعمال وحد بهذا المعنى أشهر من توحد بمعنى انفرد قوله: (كالذر) أي: صغار النمل ومائة منها زنة شعرة اهـ دماميني. قوله: (الرابع) حاصله أن كلا من خلق الذرية التي لا حصر لها من نفس آدم وخلق حواء قصيراه آية عجيبة إلا أن أحدهما جعله الله عادة مستمرة والآخر لم تجر به عادة إذ لم يخلق غير


١٧٤ - التخريج: البيت لأبي نواس في (ديوانه ١/ ٣٥٥؛ وخزانة الأدب ١١/ ٣٧، ٤٠، ٤١؛ والدرر ٦/ ٩٣؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٤٢٨؛ وجواهر الأدب ص ٣٦٤؛ ورصف المباني ص ١٧٤).

اللغة: ساد الرجل: إذا صار صاحب سيادة ومجد ورياسة.

المعنى: إن السيد الحقيقي من كان رئيساً، وكان قبله أبوه وجده كذلك.