حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (ثم) ويقال فيها: «فم»، كقولهم في «جدث»: «جدف»

صفحة 321 - الجزء 1

  وأجاب ابنُ عُصْفور عن البيت بأن المراد أن الجد أتاه السؤدد من قبل الأب، والأب من قبل الابن، كما قال ابن الرومي [من البسيط]:

  ١٧٥ - قَالُوا: أبو الصَّفْرِ مِنْ شَيْبَانَ، قُلْتُ لَهُمْ: ... كَلا لَعَمْرِي، وَلكِنْ مِنْهُ شَيْبَانُ

  وَكَمْ أَبِ قَدْ عَلَا بِابْنِ ذُرَى حَسَبٍ ... كَمَا عَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ عَدْنَانُ

  وأما المُهْلة فزعم الفرَّاء أنها قد تتخلَّفُ، بدليل قولك: «أَعْجَبَنِي مَا صَنَعْتَ الْيَوْمَ ثُمَّ مَا صَنَعْتَ أَمْسِ أَعْجَبُ»، لأن «ثم» في ذلك لترتيب الإخبار، ولا تراخي بين الإخبارين، وجعل منه ابن مالك {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}⁣[الأنعام: ١٥٤] الآية، وقد مر البحث في ذلك، والظاهر أنها واقعة موقع الفاء في قوله [من المتقارب]:

  ١٧٦ - كَهَزُ الرِّدَيْنِي تَحْتَ الْعَجَاجِ ... جَرَى في الأنابيب ثُمَّ اضْطَرَبْ


  قوله: (وأجاب ابن عصفور) رد بتصريح الشاعر بالقبلية إلا أن ترجع للجد أي أنه انجر له السؤدد مع سبقه. قوله: (السؤدد) بضم السين وبالهمز وبتركه. قوله: (من قبل الأب) أي: من عنده وجهته قوله: (ذرى) أي: أعلى حسب هو ما يعد من المفاخر. قوله: (قد تتخلف) أي: فتكون لمجرد الترتيب كالفاء مجازاً اهـ. دماميني. قوله: (ولا تراخي بين الإخبارين) ضرورة أن أحدهما متصل بالآخر بلا مهلة ففيه تفويت بعض ما وضعت له من إفادة المهلة قوله: (وجعل منه) أي: عن الترتيب الإخباري. قوله: (وقد مر البحث في ذلك) أي: توجيه ذلك في قوله والأخير أنفع لجريانه في الآية الأخيرة. قوله: (وقد مر البحث في ذلك) أي: يقتضي أن تكون منه حيث قال إن الجواب الأخير وهو كون، ثم أتيت الأخبار يصح أن يجاب به عن الآية الأخيرة. قوله: (والظاهر) أي: فهذا لم يقله أحد إلا المصنف وما وقع في بعض الكتب فهو منقول عنه.

  قوله: (أنها واقعة موقع الفاء) أي: فلا تدل على المهلة قوله: (كهز الرديني) هذا


١٧٥ - التخريج: البيتان لابن الرومي في (ديوانه ٦/ ١٧٩؛ وخزانة الأدب ١١/ ٣٨؛ والبيت الثاني بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٨٧).

اللغة: أبو الصقر: هو إسماعيل بن بلبل الشيباني، وزير المعتمد العباسي. شيبان: قبيلة عربية.

ذرى: جمع ذروة وهي قمة الشيء. عدنان: جد العرب.

المعنى: لقد قيل إن أبا الصقر رجل من قبيلة شيبان، بهم يُعرف فقلت لهم: أرى العكس صحيحاً، فشيبان معروفة به، ومن عزّه عزّها. وهناك الكثير من الآباء قد ارتفعوا تبعاً لرفعة ومكانة أبنائهم، كما أن العرب العدنانيين شُرِّفوا بكون رسول الله واحداً منهم.

١٧٦ - التخريج: البيت لأبي دؤاد الإيادي في (ديوانه ص ٢٩٢؛ ٢٩٢؛ والدرر ٦/ ٩٦؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٠؛ وشرح شواهد المغنى ص ٣٥٨؛ والمعاني الكبير ١/ ٥٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٣١؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٤٢٧؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤١٧؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٦١٢؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣١).