· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  فلضَعْفِ «حتى» في الغاية؛ فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية.
  ومما انفردت به «حتى» أنه يجوز وقوع المضارع المنصوب بعدها، نحو: «سِرْتُ حتى أدخلها»، وذلك بتقدير: حتى أن أدخلها، و «أن» المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بـ «حتى»، ولا يجوز: «سرت إلى أدخلها»، وإنما قلنا: إن النصب بعد «حتى» بـ «أن» مضمرة لا بنفسها، كما يقول الكوفيون، لأن «حتى» قد ثبت أنها تخفِضُ الأسماء، وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال، وكذا العكس. ولـ «حتى» الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثَةُ معانٍ: مُرادفة «إلى»، نحو: {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ٩١}[طه: ٩١]، ومرادفه «كي» التعليلية، نحو: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ}[البقرة: ٢١٧]، {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ
  أي: وأما وجه منع الثالث وهو سرت من البصرة حتى الكوفة. قوله: (فلضعف حتى) أي: لأن الأصل في الغاية أن تكون بإلى إذ لا تخرج عنه إلى معنى آخر وحتى ضعيف في معنى الغاية فإنها تخرج إلى غيرها من المعاني قوله: (ومما انفردت به حتى) أي: الجارة.
  قوله: (وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بحتى) أي: فالمعنى سرت حتى دخولها أي إلى دخولها قوله: (ولا يجوز الخ) قال الدماميني ولم أتحرر والعلة في ذلك. قوله: (كما يقول الكوفيون) راجع للمنفي أي وإنهم يقولون النصب بنفس حتى فهي عندهم من نواصب المضارع وليست الداخلة على المضارع عندهم جارة. قوله: (لأن حتى قد ثبت الخ) هذا الاعتراض متوجه على الكوفيين غير الكسائي لأنه لا يثبت كون حتى جارة بل يقدر بعدها حرف الجر، ففي مثل حتى مطلع الفجر يقدر حتى تنتهي إلى مطلع الفجر وحينئذ فلا يتوجه عليه ما ذكره المصنف نعم يتوجه عليه إن هذا تكلف مع ما فيه حذف حرف الجر وإبقاء عمله في غير ما عهد وهو بعد إن وأن. قوله: (وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال وكذا العكس) فيه الله هذه الكلية مشكلة بمثل قولك أي رجل تضرب إضراباً لجزام فإن أياً فيه شرطية وقد عملت الجزم في الفعل والخفض في الاسم المضاف إليه بناء على الصحيح من أن عامل المضاف إليه هو المضاف ويشكل أيضاً بكي فإنها جارة وناصبة قلت مراد المصنف أن ما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال أي مع اتحاد الجهة أما مع اختلافها فيعمل فأياً عملت الجر من حيث الإضافة والجزم من حيث تضمن معنى إن الشرطية وكي عملت الجر من جهة كونها تعليلية والنصب من جهة كونها مصدرية.
  قوله: (ولحتى الداخلة الخ) هذا تخصيص لقوله سابقاً إن حتى الجارة بمنزلة إلى في المعنى والعمل فكأنه قال حتى الجارة بمعنى إلى وهو انتهاء الغاية في كل موضع إلا إذا دخلت على المضارع المنصوب فقد تخرج عن ذلك فتستعمل بمعنى كي وإلى ومرادفة إلا. قوله: (حتى يرجع إلينا موسى) أي: قالوا لا نزال مقيمين على عبادة العجل إلى أن يرجع الخ. قوله: (حتى يردوكم) أي: لأجل ذلك قوله: (لا تنفقوا على من) أي: على