· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}[المنافقون: ٧]، وقولك: «أَسْلِم حتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ»؛ ويحتملهما: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩]؛ ومرادفه «إلا» في الاستثناء، وهذا المعنى ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم: «وَالله لَا أَفْعَلُ إِلا أَن تفْعَلَ» المعنى: حتى أن تفعل؛ وصرّح به ابن هشام الخَضْرَاوي وابن مالك، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا}[البقرة: ١٠٢]، والظاهر في هذه الآية خلافه، وأن المراد معنى الغاية، نعم هو ظاهر فيما أنشده ابن مالك من قوله [من الكامل]:
  ١٩٠ - لَيْسَ العَطَاءُ مِنَ الْفُضُولِ سَمَاحَةً ... حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْكَ قَلِيلُ
  الذين عند رسول الله حتى ينفضوا أي لأجل ذلك قوله: (حتى تدخل الجنة) أي: لأجل أن تدخلها. قوله: (ويحتملهما) أي: المعنيين المذكورين مرادفة إلى وكي التعليلية وظاهر المصنف أن الأمثلة المذكورة للقسم الثاني لا تحتملهما وهو مسلم في أسلم حتى تدخل الجنة فحتى لا تحتمل غير التعليلية، وأما الآيتان قبله فتحتملهما. قوله: (حتى تفيء) أي: كي تفيء أي ترجع أو إلى أن ترجع والفيء الرجوع وقد يسمى به الظل. قوله: (ومرادفة إلا في الاستثناء) أي: لا في الوصف ولا في الزيادة على قول من يراه، وقوله في الاستثناء أي سواء كان متصلاً أو منقطعاً موجباً أو مفرغاً ولا يضر كونها جارة مع كونها بمعنى إلا الاستثنائية؛ لأن عمل الجر يثبت مع إفادة الاستثناء كحاشا وخلا إذا جر بهما اهـ دماميني قوله: (إلا أن تفعل) المصدر المنسبك نائب عن الزمن والمعنى لا أفعله وقتاً من الأوقات إلا وقت فعلك فهو استثناء من عموم أوقات مقدر فهو متصل مفرغ بالنسبة إلى الظرف. قوله: (المعنى) مقول قول سيبويه. قوله: (حتى إن تفعل) أي: وإذا فسر إلا أن تفعل بحتى أن تفعل يلزم منه أن يفسر حتى إن تفعل بإلا أن تفعلن كما هو شأن هو المترادفين. قوله: (الخضراوي) نسبة للجزيرة الخضراء بالأندلس. قوله: (وما يعلمان من أحد) أي: أحداً وقوله حتى يقولا أي إلا أن يقولا إنما نحن فتنة الخ، والاستثناء مفرغ الظرف كما سبق والمعنى وما يعلمان أحداً في وقت من الأوقات إلا وقت قولهما إنما نحن فتنة فلا تكفر. قوله: (الظاهر في هذه الآية خلافه الخ) قال الدماميني معنى الغاية ههنا ممكن إلا أنه لا مرجع له حتى يكون القول به ظاهراً كما قال المصنف اهـ كلامه. قوله: (معنى الغاية) أي: ممتد انتفاء تعليمهما إلى وقت قولهما ذلك. قوله: (نعم هو ظاهر) إنما
١٩٠ - التخريج البيت للمقنّع الكندي في (خزانة الأدب ٣/ ٣٧٠؛ والدرر ٤/ ٧٥؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٧٣٤؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٢؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٥٥؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٦٠؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤١٢؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩).
اللغة: العطاء: الكرم والجود الفضول: الزيادة. سماحة: سخاء.
المعنى: ليس من الكرم والجود أن تعطي ما يزيد عندك، ولكن السخاء الحقيقي، والكرم المحمود أن تعطي للناس من القليل الذي تملك.