· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  وإن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالوجهان، نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}[البقرة: ٢١٤] الآية؛ فإن قولهم: إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال، لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا.
  وكذلك لا يرتفع الفعلُ بعد «حتى» إلا إذا كان حالاً، ثم إن كانت حاليته بالنسبة إلى زمن التكلم فالرفع واجب، كقولك: «سِرْتُ حتَّى أَدْخُلُهَا» إذا قلتَ ذلك وأنت في حالة الدخول. وإن كانت حاليته ليست حقيقية - بل كانت محكية - رُفِعَ. وجاز نصبه إذا لم تُقدر الحكاية نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}[البقرة: ٢١٤] قراءة نافع بالرفع
  رجوع موسى عليه الصلاة والسلام كان مستقبلاً بالنظر إلى الزمن الذي تكلموا فيه بقولهم لن نبرح عليه عاكفين ومستقبل بالنسبة لعدم الانفكاك عن عبادة العجل. قوله: (بالنسبة إلى ما قبلها) أي: ذات ما قبلها قوله: (فالوجهان) أي: النصب على جعل حتى بمعنى كي أو إلى وهما أحد المعاني السابقة قريباً فيما إذا وقع المضارع منصوباً بعدها، والناصب بعدها أن مضمرة وأن وصلتها مؤولة بمصدر مجرور بحتى، وإن رفعته كانت حتى ابتدائية ولكن المعنى يختلف على الرفع والنصب فمن رفع فعلى أن الإخبار بوقوع شيئين أحدهما الزلزال والآخر القول والخبر الأول على وجه الحقيقة والثاني على حكاية الحال، والمراد مع ذلك الإعلام بأمر ثالث هو تسبب القول عن الزلزال ومن نصب فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيء واحد وهو الزلزال وبأن شيئاً آخر كان مترقباً وقوعه عند حصول الزلزال وهو القول وليس فيه إخبار بوقوع القول كما في قراءة الرفع، وإن كان وقوعه ثابتاً في نفس الأمر لكن ثبوته من شيء آخر لا من هذه القراءة والشيء الآخر قراءة الرفع؛ لأن القراءة كالآيتين والمراد بالرسول اليسع أو شعيب وأصحابه المؤمنين.
  قوله: (لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا) إذ هو ماض بالنسبة له وهو زمن نزول الآية. قوله: (إلا إذا كان حالاً) أي: لأنه إذا كان الفعل حالاً لا يصح النصب بأن التي للاستقبال وإلا لزم التناقص، وإذا انتفى النصب تعين الرفع. قوله: (فالرفع واجب) أي: وتكون حتى ابتدائية لا جارة. قوله: (فالرفع واجب) أي: كما أن النصب واجب إذا كانت استقبالية بالنظر لزمن التكلم. قوله: (وأنت في حالة الدخول) أي: ولا يصح النصب بأن التي للاستقبال لما فيه من التنافي قوله: (وأنت في حالة الخ) أي: وأما بعد الدخول فإن قصد حكاية الحال رفع وإلا نصب، وأما لو قال ذلك قبل الدخول فيتعين منصب لأنه مستقبل بالنسبة لزمن التكلم وبالنظر للسير ويتعين الرفع في مرض زيد حتى لا يرجونه لأن زمن عدم الرجاء هو المرض. قوله: (بل كانت محكية) معنى حكاية الحال أن يفرض ما كان واقعاً في الزمان الماضي واقعاً في هذا الزمان فتعبر عنه بلفظ المضارع. قوله: (رفع) أي: إذا قدرت الحكاية قوله: (إذا لم تقدر الحكاية) أي: بل نظرت لاستقباله بالنظر للزلزال وحتى حينئذ في النصب تحتمل الغاية والتعليل ومعنى إلا مما يناسبه المقام