حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان

صفحة 349 - الجزء 1

  وهو حسن، وردَّه أبو حيان، وقال في المثال: هي جارة، إذ لا يشترط في تالي الجارة أن يكون بعضاً أو كبعض، بخلاف العاطفة، ولهذا منعوا: «أَعْجَبَتْني الجارية حتى ولدها» قال: وهي في البيت محتملة، انتهى.

  وأقول: إن شرط الجارة التالية ما يُفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضاً أو كبعض، وقد ذكر ذلك ابن مالك في باب حروف الجر، وأقرَّهُ أبو حيان عليه. ولا يلزم من امتناع «أعْجَبَتْنِي الجارية حتى ابنها» امتناع «عجبتُ من القوم حتى بنيهم»، لأن اسم


  تدين بالإساءة إليك واتخذها كالدين أي أن كرمك عم كل الخلق حتى الذي اتخذ الإساءة إليك ديناً فهو شدة مدح لذلك المخاطب. قوله (ورده أبو حيان) أي: رد كون حتى في البيت والمثال العطف ليس إلا وحاصل ما قاله ابن مالك أنها لا تصح أن تكون جارة في المثال والبيت فرد عليه أبو حيان بأنها في المثال جارة ليس إلا، وليس العطف لأن بمتعين لأن شرط العطف أن يكون ما بعد حتى جزءاً أو كجزء والبنون ليسوا كذلك فتعين إنها جارة، وأما البيت فلا يتعين العطف بل يحتمل. قوله: (إذ لا يشترط الخ) أي: يلي إما وأما وقوله بخلاف العاطفة أي فإنه يشترط ذلك والمثال فيه البنون وليسوا بعضاً من القوم ولا كبعض. قوله: (ولهذا منعوا أعجبتني الجارية حتى ولدها) أي: لأن الولد ليس بعضاً ولا كبعض. قوله: (قال) أي: أبو حيان قوله: (وهي في البيت محتملة) أي: ومع الاحتمال لا ينتهض الدليل أي لأن البائس بعض الخلق وما بعد حتى في الجارة قد يكون بعضاً كما يكون في العاطفة كذلك.

  قوله: (وأقول) أي: في رد اعتراض أبي حيان على ابن مالك. قوله: (ما يفهم الجمع) أي: وهو الكل والكلي قوله: (بعضاً أو كبعض) أي: فقد ساوت الجارة العاطفة فقولك لا يشترط في الجارة الخ ظاهر إذا لم يتقدمها ما يفهم الجمع، أما لو تقدمها كما هنا فالشرط فيها ذلك فإطلاقك لا يسلم اهـ لكن إذا كان هذا شرطاً فلم أهمله المصنف في ذكر ما يتعلق بالجارة، كذا قال الدماميني وفيه أنه قد ذكر هناك بقوله الثاني وهو خاص بالمسبوقة بذي أجزاء الخ تأمل قوله: (وقد ذكر ابن مالك ذلك الخ) أي: في التسهيل وقوله وأقره أي في شرحه له أبو حيان عليه أي فما قاله خالفه هنا. قوله: (ولا يلزم الخ) الاعتراض عليه في فهمه إن ما بعد حتى في المثال ليس بعضاً ولا كبعض فهو مثل أعجبتني الجارية حتى ولدها في أنه لا يجوز العطف بل يتعين الجر في قوله حتى بنيهم وحاصل الاعتراض عليه أن البنين بعض القوم وحينئذٍ فيصح العطف. قوله: (ولا يلزم من امتناع الخ) لأبي حيان أن يقول إنما شمل القوم الأبناء إذا لم تقم قرينة على خلاف ذلك


= ضد السعيد فاقد الرحمة دان ديناً: تعوّد عادة. الإساءة: الشر والضرر.

المعنى: لقد شمل كرمك الخلق كلّهم، وزاد عن احتياجاتهم، حتى التعيس الذي فقد رحمة ربه، واعتاد على إلحاق الضرر بالناس شمله كرمك أيضاً.