الباب الأول في تفسير المفردات، وذكر أحكامها
  أن يُؤتى لها بمُعادِل، وكذلك لا حاجة في الآية إلى تقديرِ مُعَادِل لصحة تقدير الخبر بقولك: كمَنْ لَيْسَ كذلك؛ وقد قالوا في قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الرعد: ٣٣]: إن التقدير: كمن ليس كذلك أو لم يُوَحْدُوهُ، ويكون: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}[الرعد: ٣٣] معطوفاً على الخبر، على التقدير الثاني؛ وقالوا:
  تجعل الهمزة لطلب التصديق فهي حينئذ بمعنى هل وحينئذ يمنع تقدير المعادل لخروج الاستفهام حينئذ لأن يكون تصورياً مع فرض كونه تصديقياً هذا خلف؛ لأن التصديق يقتضي إنك متصور لذلك الشيء إلا أنك غير عالم بثبوت النسبة له بخصوصه ومقضيّ التصور أنك لست عالماً به أصلاً وهو تناقض.
  قوله: (ولك أن تقول الخ) أي: وهذا هو الظاهر أي فهو حينئذ لطلب التصديق فهي بمعنى هل وهل لا يذكر معادلها وكذا ما كان بمعناها قوله: (ولك أن تقول) خطاب لكل من يصلح أن يخاطب لا لمعين. قوله: (وامتناع) بالجراي والامتناع أن يؤتى لهل بمعادل لأن الإتيان يقتضي أن الاستفهام مصروف للظاهر مسنداً أو مسنداً إليه أو غير ذلك فتكون هل حينئذ لطلب التصور وهي لا تستعمل إلا لطلب التصديق، واعلم أن العلة المنتجة للصحة مجموع الأمرين أي قولك: ما أدري هل طلابها رشد أي: فتكون لطلب التصديق وامتناع الخ فالعلة مجموع الأمرين تأمل قوله: (لصحة تقدير الخبر بقولك كمن ليس كذلك) أي: تقدير الخبر كلمة فيها تشبيه ويستقيم الكلام عليها أي: وحينئذ لا يكون من قبيل ما حذف فيه حرف العطف والمعطوف وهذا الوجه أولى من تقدير المعادل؛ لأنه أقل حذفاً وهو عندهم أولى إلا أن الأولى له أن يقول لصحة تقدير الخبر كغيره تقليلاً للمحذوف ما أمكن قوله: (وقد قالوا الخ)، هذا بيان لأولوية الوجه الثاني لكثرة نظائره. قوله: (إن التقدير) هو بالكسر على الحكاية؛ لأنه مقول القول ويصح إن يكون بالفتح بناء على أن المراد بالقول الرأي والاعتقاد، والأولى الفتح، وأما الكسر فلا يتأتى إلا لو ثبت أنهم تلفظوا بقوله إن التقدير الخ، ولم يثبت؛ اللهم إلا أن يقال أنه يكفي في الكسر حكاية المعنى ألا ترى قوله تعالى {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم: ٣٠] الخ، ولا شك أن هذا اللفظ لم يصدر من عيسى؛ لأن لغته غير عربية اهـ تقرير دردير قوله: (أو لم يوحدوه) أي: أو أن التقدير لم يوحدوه وعلى هذا المعنى أفمن ثبتت له هذه الصفة لم يوحدوه. قوله: (معطوفاً على الخبر) وهو لم يوحدوه لكن يكون قوله بعد وجعلوا الله من إقامة الظاهر مقام المضمر قصداً لتبكيتهم. قوله: (على التقدير الثاني) أي: وأما على الأول فلا يصح إذ لا مناسبة بين من ليس كذلك وبين قوله وجعلوا الخ فهو مثل قوله:
  لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريمُ
  وأيضاً أن من ليس كذلك في معنى مفرد أي كغيره، وجعلوا الخ جملة لفظاً ومعنى فلا يحسن عطف ما هو كذلك على الجملة في اللفظ فقط. قوله: (على تقدير الثاني) أي: واستئنافاً على الأول؛ لأن الاستفهام عليه إنكاري بمعنى النفي فلو عطف الجعل على