حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الباب الأول في تفسير المفردات، وذكر أحكامها

صفحة 36 - الجزء 1

  التقدير في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[الزمر: ٢٤]، أي كمن يُنَعَّمُ في الجنَّة؛ وفي قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}⁣[فاطر: ٨]، أي: كمن هَدَاه الله، بدليل: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[فاطر: ٨]، أو التقدير: ذَهَبَتْ نفسُكَ عليهم حَسْرَةً، بدليل قوله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}⁣[فاطر: ٨]؛ وجاء في التنزيل موضع صُرّح فيه بهذا الخبر وحذف المبتدأ، على العكس مما نحن فيه، وهو قوله تعالى: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا}⁣[محمد: ١٥] أي أمَنْ هو خالِدٌ في الجنة يُسْقَى من هذه الأنهار كمن هو خالد في النار، وجاءا مصرحاً بهما على الأصل في قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}⁣[الأنعام: ١٢٢]، {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}⁣[محمد: ١٤].

  والألف أصل أدوات الاستفهام، ولهذا خُصت بأحكام:


  خبره لزم أن يكون منفياً، وأما على الثاني فالاستفهام تعجبي. قوله: (وقالوا التقدير) أي: المقدر. قوله: (والتقدير الخ) أي: فمن يحتمل أن تكون موصولة أو شرطية وذهبت خبر أو جواب.

  قوله: (نفسك عليهم) الضمير عائد على من باعتبار معناها. قوله: (بدليل فلا تذهب) أي: وقدروا هذا المحذوف بدليل الخ، وقوله: فلا تذهب الفاء للسببية؛ لأن ما قبلها سبب للنهي عن التحسر. قوله: (صرح فيه بهذا الخبر)، أي: الذي هو كلمة فيها تشبيه فهو شاهد من حيث أنه أورد الخبر مثل ما قدره بقطع النظر عن وجود المبتدأ في اللفظ. قوله: (وجاء) أي: المبتدأ والخبر الذي هو كلمة فيها تشبيه وهذا فيه تأييد لكون الخبر بقدر بمثل ما تقدم قوله: (أو من كان ميتاً) أي: ضالاً فأحييناه أي: هديناه وجعلنا له نوراً يقيناً وحكمة. قوله: (كمن مثله في الظلمات) أي: كالكافر الذي صفته أنه الظلمات. قوله: (أفمن كان على بينة) أي حجة وبرهان من عند ربه رسول الله . قوله: (كمن زين له سوء عمله) المراد بهم أهل مكة، وقوله: كمن زين له سوء عمله وعادي الله ورسوله. قوله: (أصل أدوات الاستفهام) المراد بكونها الأصل أي: الأكثر دوراناً ولكونها الكثيرة والغالب في ذلك خصت الخ، وليس المراد بالأصل ما يبنى عليه غيره إذ أدوات الاستفهام لا تبنى على شيء. قوله: (الألف أصل أدوات الاستفهام) أي: لأنها عريقة فيه وضعاً بخلاف أسماء الاستفهام فإنه طارئ عليها بالتبعية. قوله: (خصت بأحكام) الباء داخلة على المقصور كما هو الغالب فيها بتضمين الاختصاص معنى الانفراد أي: أن تلك الأحكام مقصورة على الهمزة لا تتعداها لغيرها من أدوات الاستفهام وأما