· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  ١٩٧ - يُعْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُ كِلابُهُمْ ... لاَ يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبِل
  وعلى الفعلية التي فعلها ماض، نحو: {حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا}[الأعراف: ٩٥]. وزعم ابن مالك أن «حتى» هذه جارّة، وأنَّ بعدها «أنْ» مضمرة، ولا أعرف له في ذلك سلفا، وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة؛ وكذا قال في «حتى» الداخلة على «إذا» في نحو: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ}[آل عمران: ١٥٢] إنها الجارّة، وإن «إذا» في موضع جر بها. وهذه المقالة سبقه إليها الأخفش وغيره والجمهور على خلافها وأنها حرفُ
  قوله: (يغشون) أي: يغشاهم الناس وينزلون عندهم بكثرة حتى لا تصوت كلابهم على أحد من الضيوف القادمين عليهم قوله: (ما تهر) ما نافية أي حتى أن كلابهم تركت الهرير أي الصوت من كثرة الواردين عندهم من الضيوف قوله: (تهر) الهرير تصويت الكلاب لبرد ونحوه والمراد ترك التصويت مطلقاً قوله: (لا يسألون عن السواد) أي: عن الجماعات الكثيرة القادمة عليهم من أين هم بل يكرمونهم من غير سؤال ويحتمل أن ما زائدة أي حتى تهر كلابهم أي تصوت كلابهم فيسمعونها فيعلمون بالضيف اهـ: - تقرير در دير.
  قوله: (نحو حتى عفوا) أي: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة والرخاء والسعة والصحة حتى عفوا أي كثروا في أنفسهم تقول عفا النبات إذا كثر. قوله: (وقالوا قد مس الخ) أي: قالوا هذه عادة عادة الدهر في تقلب أحواله كما وقع لآبائنا وما ذلك بعقوبة ذنب. قوله: (إن حتى هذه) أي: الواقعة في الآية. قوله: (أن مضمرة) أي إلى أن عفوا.
  قوله: (تكلف إضمار) وهو أن قوله: (من غير ضرورة) وذلك لأنه لا يحتاج لإضمار أن إلا إذا وقع الفعل المضارع منصوباً بعد حتى فيحتاج لتقدير أن لتكون عاملة فيه بخلاف الماضي فلا يحتاج لتقدير أن فحينئذ تجعل حتى ابتدائية وهي تدخل على الفعلية كما تدخل على الاسمية. قوله: (حتى إذا فشلتم) أي: جبنتم وخفتم الإقدام. قوله: (في موضع جر بها) فلا تكون إذا حينئذ ظرفاً بل اسماً للوقت مجروراً بحتى متعلقة بالفعل من
١٩٧ - التخريج: البيت لحسان بن ثابت في (ديوانه ص ١٢٣؛ وخزانة الأدب ٢/ ٤١٢؛ والدرر ٤/ ٧٦؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٦٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٨، ٢/ ٩٦٤؛ والكتاب ٣/ ١٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣/ ٥٦٢).
اللغة: يغشون: يقصدهم الناس لينالوا معروفهم. تهرّ كلابهم تعوي. السواد والاسودات والأساود: جماعة من الناس، والسواد: الشخص.
المعنى: اعتاد الناس على زيارتهم، ونيل معروفهم، حتى صارت الكلاب لا تنبح لقدوم الناس، لاعتيادها على قدومهم، حتى الغريب القادم لا يسألونه عمن يكون، أي يكرمون الجميع، أو لا يسألون عن عدد القادمين فهم على استعداد ومقدرة.