· (حتى) حرف يأتي لأحد ثلاثة معان
  «حتى» الجارة كما قدمنا، ولا بد على النصب من تقدير زمن مضاف إلى «تكل»، أي: إلى زَمَانِ كَلالِ مطيهم.
  وقد يكون الموضع صالحاً لأقسام «حتى» الثلاثة، كقولك: «أَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسهَا»، فلك أن تخفض على معنى «إلى»، وأن تنصب على معنى الواو، وأن ترفع على الابتداء، وقد رُوِيَ بالأوجه الثلاثة قوله [من البسيط]:
  ١٩٨ - عَممْتَهُم بِالنَّدَى حَتَّى غُوَاتُهُمْ ... فَكُنْتَ مَالِكَ ذِي غَيْ وَذِي رَشَدِ
  فكيف يكون الحال قيد للماضي، والجواب أنه يفرض أن الحال واقعة في الزمن المستقبل وقيد العامل بها هكذا قال المصنف وفيه إنه فرق بين الحالين؛ لأن الذي يوصف بها الفعل المضارع وقوع ذلك الفعل حال التكلم بخلاف الحال التي وصف لصاحبها وقيد في عاملها لا يشترط أن يكون مدلولها حاصلاً في الحال أي الزمن الحاضر فلا وجه لجعل رأيت زيداً أمس من باب حكاية الحال الماضية لأن الحال بمعنى الوصف لا تنافي الزمن الماضي اهـ تقرير شيخنا دردير قوله: (وهو راكب) هذا من حكاية الحال الماضية ضرورة أن العامل متحقق المضي والحال قيد لعاملها فيكون الركوب واقعاً في ذلك الزمان الماضي ولكنه حكى ذلك الأمر الماضي أي فرض واقعاً الآن فلذا جعل حالاً. قوله: (وأما من نصب الخ) مقابل فيمن رفع وعلى هذا الوجه لا يكون شاهد في البيت إلا دخول حتى الابتدائية على الجملة الإسمية وهي التي في عجز البيت، وأما التي في صدره فهي داخلة على مفرد وحينئذ يكون قوله وحتى الخ معطوفاً بالواو على محذوف أي سريت بهم الخ، وإلا فما قيل حتى مفرد ولا يحسن عطف جملة على مفرد ولا يصح العطف على سريت لبقاء حتى الابتدائية بدون معنى لها. قوله: (كما قدمنا) أي: من أن الفعل المضارع الواقع منصوباً بعد حتى تكون حتى فيه بمعنى إلى جارة والنصب بأن مضمرة. قوله: (ولا بد على النصب من تقدير الخ) أي: لأن كلام المطي لا يصح أن يكون غاية السري لا يكون إلا في زمان أو مكان وغايته لا تكون إلا واحداً منهما ولا يصح أن تكون غايته الكلال. قوله: (على معنى إلى) أي: أكلت السمكة إلى رأسها. قوله: (على معنى الواو) أي: أكلت السمكة ورأسها. قوله: (على الابتداء) أي: فالمعنى أكلت السمكة حتى رأسها مأكولة فدخول الرأس في الأكل لا نزاع فيه على الثاني والثالث، وأما على الأول فيجري على الخلاف السابق. قوله: (على الابتداء) في نسخة على معنى الابتداء أي والخبر محذوف أي مأكول. قوله: (الثلاثة) أي: الجارة والعاطفة والابتدائية.
١٩٨ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الجنى الداني ص ٥٥٣).
اللغة: عممتهم: شملتهم. الندى الكرم والجود. الغواة الضالون. ذو غي: صاحب ضلالة، ذو رشد صاحب هدى.
المعنى: شملت الجميع بكرمك وعطاياك، حتى الضالين منهم، فصرت مطاعاً من صاحب العقل والهدى، ومن صاحب الضلالة والفساد.