· (عدا) مثل «خلا»،
  أي: لقضى عَلَيَّ، فحذف «عَلَى» وجعل مجرورها مفعولاً، وقد حَمَلَ الأخْفَشُ على ذلك: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا}[البقرة: ٢٣٥] أي: على سرّ، أي: نكاح،
  أي: نشتاق والصبابة حرارة الشوق والأسى بضم الهمزة وكسرها جمع أسوة كذلك وهي ما يتأسى به الحزين ويتسلى به من أحوال سلفه، وأما الأسى بالفتح فهو الحزن ولا يناسب هنا. قوله: (لقضى علي) أي: لقتلني. قوله: (وجعل مجرورها مفعولاً) يعني: لو كانت اسماً لم يحذف ويجعل المضاف هي إليه مفعولاً فتعين كونها حرفاً؛ لأن حروف الجر معدة لتعدية العامل لمفعوله، فإن قلت غاية ما فيه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وهو كثير فلم لم يرتكب هنا قلت: لأن القائل باسميتها يجعلها ظرفاً كفوق، أي: وظرف المكان لا يحذف ويقام المضاف إليه مقامه إلا قليلاً نحو جلست قرب وليد أي: مكان قربه بخلاف ظرف الزمان، فإنه يكثر فيه ذلك فتقول سأجيئك صلاة العصر، أي: وقت صلاتها، وإذا كان هذا قليلاً في ظرف المكان فلأن يخرج عليه مثل قضائي قاله الدماميني، وقال الشمني: كونه قليلاً لا يمنع من حمل أل عليه ورد ذلك بأنه مع قلته مخصوص بما إذا كان المضاف إليه مصدراً كما في المثال وهذا مفقود في البيت، قال في «الخلاصة»:
  وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر
  هذا واعترض استدلال المصنف بأن الذي سمع فيه حذف الحرف وانتصاب الاسم بعده مفعولاً اختار واستغفر وأمر وكنى ودعا وسمى وزوج وصدق، وإنما جاز ذلك في هذه الأفعال لتعين الحرف وتعين محله، ولا يجوز القياس عليها، وإن تعين الحرف وتعين محله، فلا يجوز بريت القلم السكين خلافاً لعلي بن سليمان كذا قال أبو حيان وقضى في البيت ليس واحداً من هذه الأفعال ولداً، قال الشمني: الذي ينبغي ان قضى في البيت مضمن معنى قتل أو هلك فهو متعد بنفسه. قوله: (وقد حمل الخ) أي: وغيره يقول المعنى وعداً سر فهو مفعول مطلق والسر باق على حقيقته على هذا وما بعده، والاستثناء بعده عليهما منقطع أو المعنى لا يواعدوهن في سر فهو نصب على نزع الخافض وإنما نهى ذلك؛ لأن المواعدة في السر عبارة عن المواعدة بما يستهجن؛ لأن مساررتهن في الغالب مما يستحيا من المجاهرة به قوله: (ولكن لا تواعدوهن الخ) صدر الآية {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٥] ونهز لشدة رغبتكم فيهن فاذكروهن ولكن الخ. قوله: (أي: نكاح) وعلى هذا فالاستثناء في قوله إلا أن تقولوا الخ متصل مفرغ في الظرف، أي: لا تواعدوهن على نكاح وقتاً من الأوقات إلا وقت قولكم قولاً معروفاً. قوله: (أي نكاح) تفسير للسر من قوله على سر. (إن قلت) مادة الوعد تتعدى بالباء تقول وعدتك بكذا فهي المقدرة هنا لا على قلت المفاعلة من الوعد تتعدى نا بعلى تقول تواعدنا على كذا قوله:
= المعنى: إن اشتاقت (ناقتي) أظهرت ما فيها من حرارة الشوق وباحت بعواطفها، بينما أخفي ما أقاسيه من الهوى، الذي يكاد يقضي علي لولا اقتدائي بمن سبق؛ أو لولا ما أظهره من الحزن عندما أكون وحدي.