حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (على) على وجهين

صفحة 391 - الجزء 1

  وكذلك: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ١٦}⁣[الأعراف: ١٦]، أي: على صراطك.

  والثاني: أنهم يقولون: «نَزَلْتُ عَلَى الَّذِي نَزَلْتَ»، أي: عليه، كما جاء: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ٣٣}⁣[المؤمنون: ٣٣]، أي: منه.

  ولها تسعة معان:

  أحدها: الاستعلاء، إما على المجرور وهو الغالب، نحو: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ٢٢}⁣[المؤمنون: ٢٢] أو على ما يقرُبُ منه، نحو: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ١٠}⁣[طه: ١٠] وقوله [من الطويل]:

  [تُشَبُ لِمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهَا] ... وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلّقُ

  وقد يكون الاستعلاء معنويا، نحو: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}⁣[الشعراء: ١٤]، ونحو: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[البقرة: ٢٥٣].


  (لأقعدن لهم صراطك) أي: لأعترض لهم على طريق الإسلام كما يعترض العدو على الطريق لأجل أن يقطعه على السالكين فيه، وانتصابه على الظرف كما في قوله كما عسل الطريق الثعلب. قاله الزمخشري فتصريحه بأن انتصابه على الظرف معناه بأن على ليست مقدرة اهـ دماميني. وشبهه الزجاج بقولهم ضرب زيد الظهر والبطن، أي: عليهما وأما القول بأنه منصوب على الظرفية ففيه أن أسماء المكان الخاصة يجب التصريح معهما بلفظ في كالطريق والدار بخلاف أمام وخلف من المبهمات وقوله: كما عسل الطريق الثعلب شاذ.

  قوله: (ويشرب مما تشربون) يعني: أن حذف العائد المجرور بمثل ما جر به الموصول أي ثبت فيما إذا كان الجار حرفاً لا اسماً قوله: (الاستعلاء) وهو كون شيء فوق شيء ثم تارة يكون حسياً وتارة يكون معنوياً وهو في كل حقيقة. قوله: (أما على المجرور) وهو الاستعلاء الحقيقي. قوله: (نحو وعليها) أي: الأنعام. قوله: (أو على ما يقرب منه) أي: وهو المجازي لا على المجرور نفسه. قوله: (على النار) أي: على المكان الذي هو قريب من النار هدى أي: هادياً أو ذا هدى أي شخصاً يهديني إلى الطريق وحاصله: أن سيدنا موسى قال لزوجته امكثي هنا إلى أن أذهب لهذه النار لعل أجد شخصاً على قربها يدلني على الطريق الموصلة إلى مصر فالهادي ليس مستعلياً على النار بل على مكان قريب منها قوله: (وبات على النار الندى) أي: الكرم والمحلق وهو الذي يوقد النار أي: أن الندى والمحلق باتا على مكان قريب من النار. قوله: (وقد يكون الاستعلاء معنوياً) وهذا الاستعلاء حقيقي أيضاً إذ لم توضع للاستعلاء بقيد كونه حسياً، بل وضعت للاستعلاء أعم من أن يكون حسياً أو معنوياً إذا كان بالنسبة لمجرورها. قوله: (على بعض) أي: لأن الاستعلاء تفضيل البعض على البعض معنوي لا حسي وكذلك الذنب