حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني من وجهي «على»: أن تكون اسما بمعنى «فوق»،

صفحة 397 - الجزء 1

  أبْطَلَ بـ «على» الأولى عموم قوله: «لم يُشفَ ما بنا»، فقال: بلى إن فيه شفاء ما، ثم أبْطَلَ بالثانية قولَهُ: «على أن قربَ الدارِ خيرٌ من البعد».

  وتَعَلَّقُ «على» هذه بما قبلها عند مَنْ قال به كتعلق «حاشا» بما قبلها عند من قال به؛ لأنها أوصَلَتْ معناه إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج، أو هي خبر لمبتدأ محذوف أي والتحقيق على كذا؛ وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب، قال: ودل على ذلك أن الجملة الأولى وقعت على غير التحقيق، ثم جيء بما هو التحقيق فيها.

  والثاني من وجهي «على»: أن تكون اسماً بمعنى «فَوْق»، وذلك إذا دخلت عليها «من» كقوله [من الطويل]


  قوله: (ثم أبطل بعلى الأولى) أي: من قوله على أن قرب الدار خير من البعد. قوله: (بلى ان فيه) أي: في قرب الدار. قوله: (ثم أبطل بالثانية) أي: من قوله على أن قرب الدار ليس الخ. قوله: (وتعلق على هذه) أي: التي للإضراب والاستدراك. قوله: (عند من قال به) أي: وهو القول في حالها الذي لم يرتضه المصنف. قوله: (لأنها أوصلت) وفي نسخة إلا أنها الخ. قوله: (على وجه الإضراب والإخراج) أي: أن التعلق بها ليس على وجه الدخول فيما قبلها بل على وجه الإخراج فقوله على أن متعلق بيشف إلا أن الشفاء مسلوب عما بعدها وقوله: على أن الثانية متعلق بخبر على أن الخبرية منفية وكذا قوله على أنه لا ييأس متعلق بيدخل وهو منفي ويلاحظ أن الدخول مثبت في جانب على قوله: (أو هي) أي: ومجرورها خبر لمبتدأ محذوف.

  قوله: (والتحقيق) هذا هو المبتدأ وقوله: على كذا هو الخبر. قوله: (ودل على ذلك) أي: كونها خبر المبتدأ مقدر بما قلناه قوله: (على غير التحقيق الخ) أي: أخذاً من الإضراب عنها بعلى ففي الحقيقة الدال هو الإضراب بعلى قوله: (بما هو التحقيق فيها) أي: في الجملة الثانية. قوله: (أن تكون اسماً) وذا تقبل علامة الاسم، وأما الحرفية فهي للاستعلاء الجزئي ولا تقبل علامات الاسم، وهل هي في هذه الحال مبنية أو معربة حكى ابن أم قاسم فيها خلافاً وجزم ابن الحاجب ببنائها، قال لحصول مقتضى البناء وهو مشابهة الحرف في لفظه، وأصل معناه لتضمنها معنى الاستعلاء في الجملة والدليل على صحة ذلك الحكم بناءً عن إذا وقعت اسماً، فلو كانت على معربة لوجب ان تكون عن معربة عند وقوعها اسماً، قلت: للمخالف أن يفرق بأن عن مشابهة للحرف في الوضع لكونه وضع على حرفين فبنيت لذلك بخلاف على، وأيضاً لو كانت معربة في الاسمية لوجب أن تبقى ألفها في قولك من عليه فتقول من علاه كما تقول من رجاه، وإنما يقلبون الألف في الآخر فيما ثبت أنه غير متمكن كقولك لديه وعليه وإليه، وأما المتمكن فلم يثبت عنهم قلب ألفه ياء مثل قولك من رجاه ومن عصاه اهـ دماميني.

  قوله: (إذا دخلت عليها من) أي لأن من لا تدخل إلا على الاسم لا على الحرف