حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (غير): اسم ملازم للإضافة في المعنى،

صفحة 433 - الجزء 1

  وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}⁣[النساء: ٩٥] يُقرأ برفع «غير»: إما على أنه صفة لـ «القاعدون» لأنهم جنس، وإما على أنه استثناء وأبدل على حد {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ٦٦]، ويؤيده قراءة النصب وأن حُسْنَ الوصف في {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧] إنما كان لاجتماع أمرين: الجنسية والوقوع بين الضدين؛ والثاني مفقود هنا، ولهذا لم يقرأ بالخفض صفة لـ «المؤمنين» إلا خارج السبع، لأنه لا وَجْهَ لها إلا الوصف؛ وقُرئ: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}⁣[الأعراف: ٥٩ وغيرها] بالجر صفة على اللفظ، وبالرفع على الموضع، وبالنصب على الاستثناء على أنه إبدال على المحلّ مثل: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}⁣[الصافات: ٣٥].

  وانتصاب «غير» في الاستثناء عن تمام الكلام عند المغاربة كانتصاب الاسم بعد «إلا» عندهم، واختاره ابن عصفور؛ وعلى الحالية عند الفارسي، واختاره ابن مالك؛


  قوله: (وقال تعالى) هذه الآية محتملة للوجيه في غير لأنها تحتمل الوصفية والاستثنائية إن رفعت غير وإن نصبت تعين الاستثناء وإن جرت تعينت الوصفية. قوله: (لأنها) أي: القاعدون جنس أي: فصح جعلها صفة له قوله: (لأنهم جنس) أي: لم يقصد بذلك قوم بأعيانهم فصار كالنكرة فوصف بغير الذي هو نكرة. قوله: (ويؤيده) أي: القول بأن الرفع على البدل قوله: (قراءة النصب) التي قرأ بها نافع وابن عامر فإن النصب فيها على الاستثناء فوافق الرفع على البدل في المعنى ولقائل أن يقول إن النصب لا يكون مؤيداً للبدل إلا لو تعين كونه على الاستثناء وهو ممنوع لجواز أن يكون على الحال فيؤيد حينئذ كون الرفع على الوصف.

  قوله: (الجنسية) أي: في الموصوف وقوله والثاني، أي: وهو الوقوع بين الضدين مفقود هنا أي في قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}⁣[النساء: ٩٥]، قوله: (ولهذا لم يقرأ الخ) أي: ولكونه استثناء وبدلاً يرجحان لم يقرأ الخ أي: ولكونه استثناء وبدلاً لم يوجد تعين الوصفية إلا خارج السبع قوله: (ولهذا) أي: ولكون الوقوع بين الضدين مفقوداً هنا. قوله: (إلا الوصف) أي: والمحسن له مفقود إن قلت يجوز أن يكون بدلاً قلت لا تبدل النكرة من المعرفة بدل كل إلا إذا وصفت. قوله: (إلا خارج السبع) أي: القراآت السبع. قوله: (وبالرفع على الموضع الخ) أي: فالحاصل أنه على الجر يتعين الوصفية وعلى النصب يتعين الاستثناء وعلى الرفع يصح الوصفية باعتبار المحل والإبدال من محل أل. قوله: (مثل لا إله إلا الله) أي: فإن الله بدل من محل لا مع اسمها وأنها في محل رفع. قوله: (عن تمام الكلام) أي: بتمام الكلام فهو العامل فالعامل معنوي؛ لأنه إذا تم الكلام لا يقع بعد ذلك إلا فضله. قوله: (واختاره ابن عصفور) وهو من المغاربة.

  قوله: (وعلى الحالية) أي: والمعنى في قولك قام القوم غير زيد، أي: حال كونهم مغايرين زيداً.