حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيهان

صفحة 435 - الجزء 1

  وذلك في البيت الأول أقوى، لأنه انضم فيه إلى الإبهام والإضافة لمبني تضمن غير معنى «إلا».

  تنبيهان - الأول: من مُشكل التراكيب التي وقعت فيها كلمة «غير» قولُ الْحَكَمِي [من الرمل]:

  ٢٦٢ - غَيْرُ مَأسُوفٍ عَلَى زَمَنِ ... يَنْقَضِي بِالْهَمْ وَالْحَزَنِ

  وفيه ثلاثة أوجه:

  أحدها: أن «غير» مبتدأ لا خبر له، بل لما أضيف إليه مرفوع يُغني عن الخبر،


  من الإعطاء وفي نسخة ينأى قوله: (حين يأبى غيره) أي: شخص غيره فغير هنا صفة لنكرة. قوله: (وذلك) أي: البناء في البيت الأول أقوى من البناء في البيت الثاني؛ لأن الثاني لم تتضمن فيه غير الاستثناء. قوله: (تضمن غير معنى إلا) أي: لأن المعنى لا يمنع الشرب منها إلا إن نطقت قوله: (تضمن) بالرفع فاعل انضم أي: والاسم إذا تضمن معنى الحرف بني فإن قلت مقتضى ذلك وجوب البناء في غير الاستثنائية مطلقاً لا جواز في خصوص ما ذكرت، قلت إنه عارضه عارض وهو الإضافة لمفرد قوله: (من مشكل التراكيب) أي: من الأبيات التي أشكل لفظها وأما ما يأتي ففي الإشكال في المعنى. قوله: (الحكمي) بفتح الكاف وهو المسمى بأبي نواس وبعد هذا البيت:

  إنما يرجو الحياة فتى ... عاش في أمن من المحن

  قوله: (ثلاثة أوجه) في نسخة أعاريب قوله: (بل لما أضيف) مرفوع مبتدأ وقوله يغني صفته ولما بكسر اللام خبر وضمير أضيف عائد على غير وإليه عائد على ما والمعنى بل مرفوعه موصوف بأنه يغني عن خبر المبتدأ كائن وثابت للاسم الذي أضيف غير إليه والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، أي: أنه وجد مرفوع وهو على زمن كائن لمأسوف الذي أضيف غير إليه ومأسوف هو في المعنى مبتدأ وعلى زمن نائب فاعله وسد مسد خبره وجملة بل لما الخ إضرابية قصد منها التعليل. قوله: (بل لما أضيف الخ) أي: لأن غير أضيف إلى وصف وذلك الوصف له مرفوعه يغني عن الخبر وشرط ذلك أن يكون بعد النفي وهنا كذلك كما قال فقوله بل لما الخ إضراب المقصود منه التعليل.


٢٦٢ - التخريج: البيت لأبي نواس في (الدرر ٢/ ٦؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٦٣٧؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٤٥؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٩٤، ٥/ ٢٨٩، ٧/ ٢٥؛ وتذكرة النحاة ص ١٧١، ٣٦٦، ٤٠٥؛ وخزانة الأدب ٩/ ٥٤٧؛ وشرح الأشموني ١/ ٨٩؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥١٣؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٤).

اللغة: المأسوف: من الأسف، وهو شدة الحزن.

المعنى: يقول: يجب ألا نأسف على زمن تتوالى همومه وأحزانه.