حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان

صفحة 45 - الجزء 1

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معانٍ

  أحدها: التَّسوية، وربَّما تُوهّم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة «سواء» بخصوصها، وليس كذلك، بل كما تَقَعُ بعدها تقع بعد «ما أُبالي»، و «ما أدري»، و «ليت شعري»، ونحوهنَّ، والضابط: أَنَّها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها، {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}⁣[المنافقون: ٦]، ونحو: «ما أُبالِي أَقُمْتَ أَم فَعَدْتَ». أَلا تَرى أنَّه يصحُ: سواء عليهم الاستغفارُ وعَدَمُه، وما أُبالي بقيامك وعَدَمِهِ.


  فصل قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الخ

  قوله: (لثمانية معان) أي: لأحد ثمانية الخ واستعمالها في واحد من تلك الاستعمالات استعمال في غير ما وضعت له فهو استعمال مجازي. قوله: (أحدها التسوية) أي: كون ما قبلها وما بعدها مستويين لكن الأمر منها ومن سواء تأمل، والعلاقة في هذا أن التسوية بين الشيء وغيره تقتضي عدم الاعتناء به وهو يقتضي جهله وهو يقتضي الاستفهام عنه، فاستعمل لفظ المسبب في السبب ولو بواسطة. قوله: (وربما توهم الخ) الحامل على هذا التوهم تخيل أن التسوية مأخوذة من لفظ سواء. قوله: (بخصوصيتها) بضم الخاء وفتحها. قوله: (ما أبالي) من البال وهو القلب أي: لا يخطر ما ذكر ببالي ولا أفكر فيه وقوله ما أدري فيه أن هذا يخالف ما يأتي من أن المصنف يرد على ابن الشجري القائل أن الهمزة التي للتسوية تأتي بعد أدري حيث يقول هذا غلط نشأ من غفلة تأمل، بل الهمزة بعد أدري للاستفهام الحقيقي والمعنى ما أدري جواب هذا الاستفهام. قوله: (وليت شعري) أي: ليت علمي تقول ليت شعري قام زيد أو قعد أي قيامه وقعوده وقوله ونحوهن نحو أفكر أقمت أم قعدت والظاهر أن الهمزة الواقعة بعد ما أدري وليت شعري للاستفهام لا للتسوية والمعنى ما أدري جواب هذا الاستفهام وليت علمي به حاصل فحذف خبر ليت خصوصاً، وقد قال الرضي: همزة التسوية وأم التي للتسوية هما اللتان تليان قولهم سواء وقولهم ما أبالي وتصرفاته فقصره على ما ذكر دون غيره يقتضي أنها لا تقع بعد غيرهما وهو ظاهر إذ الذي يظهر بالتأمل أنها بعد ليت شعري وما أدري للاستفهام اهـ تقرير دردير. قوله: (حلول المصدر محلها) ظاهره يفيد أن المصدر واقع موقع الجملة بدون الهمزة وليس كذلك بل هو قائم مقامهما فلا بد من تقدير فيه أي محل الجملة الهمزة وهذا من المواضع التي يسبك فيها الفعل بلا سابك. قوله: (ما أبالي أقمت الخ) الظاهر أن