تنبيه - قيل: الفاء تكون للاستئناف
  أي: فهو ينطق، لأنها لو كانت للعطف لَجُزِم ما بعدها، ولو كانت للسببية لَنُصِب، ومثلُه: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}[البقرة: ١١٧] بالرفع، أي فهو يكون حينئذ، وقوله [من الرجز]:
  ٢٧٦ - الشِّعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهُ، ... إِذَا ارْتَقَى فيه الَّذِي لا يَعْلَمُهُ
  زَلَتْ بِهِ إِلَى الْحَضِيض قَدَمَة، ... يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهُ
  وهل يخبرنك اليوم بيداء سملقُ
  والقواء: بفتح القاف والمد الخراب والربع المنزل قوله: (لجزم ما بعدها) أي: بالعطف على تسأل المجزوم بلم قوله: (ولو كانت للسببية الخ) اعترض بأن النصب بعد فاء السببية ليس بواجب بل يجوز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف كما في قوله: ولا يؤذن لهم فيعتذرون فرفع يعتذرون بعد فاء السببية في جواب النفي لكن الأكثر النصب وحينئذ فلا مانع من حمل ما في البيت على السببية ولا يصد عنه رفع الفعل. قوله: (لنصب) أي: بأن مضمرة بعد فاء السببية في جواب الاستفهام؛ لأنه واقع بعد الاستفهام. قوله: (أي فهو يكون حينئذ) أي: حين القول له ذلك. قوله: (الشعر صعب الخ) ضمير به فيه ويعلمه المنصوب للسلم ويجوز في الثاني أنه يكون راجعاً للشعر وضمير يعربه ويعجمه المنصوب للشعر وضمير به وقدمه للذي والحضيض القرار من الأرض عند منقطع الجبل والمراد أن لا من يعرف أساليب الكلام العربي لا يستطيع إذا أنشد الشعر توفية كل مقام حقه من العبارة، فإذا تعاطى الشعر يريد أن يأتي به عربياً فصيحاً زل بسبب جهله بمقتضيات الأحوال، فيعجمه أي: يأتي به عجمياً لا رونق له ولا فصاحة.
والدرر ٦/ ٨٦؛ والرد على النحاة ص ١٢٧. ورصف المباني ص ٣٧٨، ٣٨٥؛ والكتاب ٣/ ٣٧؛ ولسان العرب ١١/ ٣٠٠ (حدب)؛ وهمع الهوامع ٢/ ١١، ١٣١).
اللغة والمعنى: الربع: مكان الإقامة، أو الدار. القواء: الأرض المقفرة التي لا أنيس فيها.
البيداء: الصحراء. السملق: الأرض التي لا نبات فيها، أو الأرض المستوية.
جرد الشاعر من نفسه شخصاً يخاطبه بقوله: ألم تسأل عن أحبابك الدار التي أضحت موحشة بعد أن غادرها أهلها؟ ثم يستدرك فيقول: وهل تجيب صحراء مقفرة؟
٢٧٦ - التخريج: الرجز للحطيئة في (ديوانه ص ٢٣٩؛ والأزهية ص ٢٤٢؛ والدرر ٦/ ٨٦؛ ولرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٦؛ والكتاب ٣/ ٥٣؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ١٤٩؛ والمقتضب ٢/ ٣٣؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣١؛ ولسان العرب ٧/ ١٣٦ (حضض)).
اللغة: ارتقى: صعد الحضيض: قرار الأرض عند سفح الجبل زلت: سقطت. الإعراب: الوضوح؛ والاعجام: عدم الإفصاح.
المعنى: من يريد أن يكون شاعراً مفلّقاً فعليه الجد والاجتهاد والدرْبة فطريقه صعبة، والصعود فيه إلى عالم الشهرة طويل، فمن فعل بلا تمكّن سقط إلى أسفل، واحتقره الناس، لأنه كمن أراد الشرح فأبهم.