حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (قد) على وجهين

صفحة 469 - الجزء 1

  الخبر، ومنه قول المؤذن: «قد قَامَتِ الصلاة»؛ لأن الجماعة منتظرون لذلك. وقال بعضهم: تقول: «قَدْ رَكِبَ الأميرُ» لمن ينتظرُ ركوبه، وفي التنزيل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ}⁣[المجادلة: ١] لأنها كانت تتوقع إجابة الله سبحانه وتعالى لدعائها.

  وأنكر بعضُهم كونها للتوقع مع الماضي، وقال: التوقع انتظار الوقوع، والماضي قد وقع.

  وقد تبين بما ذكرنا أن مراد المثبتين لذلك أنها تدلُّ على أن الفعل الماضي كان قبل الإخبار به مُتَوَفَّعاً، لا أنه الآن متوقع. والذي يظهر لي قول ثالث، وهو أنها قد لا تفيد التوقع أصلاً، أما في المضارع فلأن قولك: «يقدم الغائب» يفيد التوقع بدون


  التوقع في الماضي عند قال من به هو انتظار المخاطب في الزمن الماضي وقوع الأمر في المستقبل قبل الإخبار وحينئذ، فالتوقع أي: انتظار الوقوع في المستقبل في الماضي من المخاطب وفي المضارع من المتكلم. قوله: (قد فعل) أي: حصل الفعل قوله: (ينتظرون الخبر) أي: الفعل قوله: (ينتظرون الخبر) الأولى لقوم كانوا ينتظرون وقوع الفعل قبل الخبر. قوله: (قد قامت الصلاة) أي: تحققت فهو كإبدال الكل فيقوم بأجزائه أي: يتحقق ويوجد في الخارج بها. قوله: (لأن الجماعة) المراد المصلي ولو واحد، وقوله: لذلك، أي: لذلك الفعل، وهو إقامة الصلاة وتحقيقها في المستقبل قبل إخبار المؤذن بذلك. قوله: (لذلك) أي: من جهة شخص آخر وهو المخاطب، وقوله: آخر أي: غير المتكلم. قوله: (لمن ينتظر ركوبه) أي: لمن كان في الماضي ينتظر ركوبه في المستقبل قبل الاخبار.

  قوله: (وقال) أي: ذلك البعض التوقع أي: حقيقته. قوله: (انتظار الوقوع) أي: في المستقبل. قوله: (وقال التوقع انتظار الوقوع) تقرير هذا الماضي قد وقع وكل ما قد وقع لا يتوقع ينتج الماضي لا يتوقع أما الصغرى، فظاهرة، وأما الكبرى، فلأن التوقع انتظار الوقوع فقوله التوقع انتظار الوقوع بيان للكبرى المطوية قدمه على الصغرى للاهتمام به، وقوله: وقد تبين الخ إشارة إلى الجواب عن هذا الاستدلال وتقريره إن أردتم بقولكم كل ما وقع لا يتوقع أنه لا يتوقع حال الإخبار فمسلم لكن لا يضرنا؛ لأن المراد أي: مراد من قال: أن قد للتوقع في الماضي التوقع قبل ذلك، وإن أردتم أنه لا يتوقع قبل الإخبار فهو ليس بصحيح للقطع بأنه يتوقع قبله. قوله: (كان قبل الإخبار متوقعاً) أي: منتظراً وقوعه في المستقبل. قوله: (لا انه الآن) أي: حال الإخبار. قوله: (متوقع) أي: منتظر وقوعه في الاستقبال، بل كان منتظر الوقوع في الاستقبال في الزمن الماضي. قوله: (يفيد التوقع بدون قد) اعترض بأن المضارع لا يفيد التوقع أصلاً؛ لأنه ليس بمعنى وضعي له، وإنما التوقع يستفاد من قرائن خارجية كحال المخبر عن مستقبل الحق ان التوقع إنما يستفاد القرائن لا من قد ولا من الماضي.