· (قد) على وجهين
  أحدها: أنها لا تدخل على «ليس» و «عسى» و «نعم» و «بئسَ» لأنهن للحال؛ فلا معنى لذكر ما يُقَرِّبُ ما هو حاصل؛ ولذلك علة أخرى، وهي أن صِيَغَهُنَّ لا يُفِدْنَ الزمان، ولا يتصرَّفْنَ، فأشبهن الاسم، وأما قول عَدِيّ [من الكامل]:
  ٢٨٧ - لَوْلا الْحَيَاءُ، وَأَنَّ رَأْسِيَ قَدْ عَسَا ... فِيهِ الْمَشِيبُ، لَزُرْتُ أُمِّ الْقَاسِمِ
  فـ «عسى» هنا بمعنى «اشتد»، وليست «عسى» الجامدة.
  الثاني: وجوب دخولها، عند البصريين إلا الأخفش، على الماضي الواقع حالاً
  قوله: (انها لا تدخل على ليس الخ) المراد على فعل جامد. قوله: (لأنهن للحال) أي: عملاً بقاعدة الانصراف له عند الإطلاق في الاستعمال، وأما أصل صيغهن فلا تدل على زمن أصلاً كما قال بعد فلا تنافي والمراد أصل الصيغة بخصوصها فلا ينافي أن الأصل العام من حيث مطلق الفعلية الاقتران بالزمان. قوله (فلا معنى الخ) أي: فلا معنى لذكر أداة تقرب الحاصل فهو من طلب تحصيل الحاصل أي: المعنى الحاضر، بالفعل فلا معنى لتقريبه من زمن حاضر. قوله: (ولا يتصرفن) أي؛ تصرف الأفعال إلى مضارع وأمر فاندفع ما يقال ان الاسم يتصرف كالصفات المشتقة من المصدر فعدم التصرف ليس أمراً لازماً للاسم. قوله: (فأشبهن الاسم) أي: لأن الأصل فيه الجمود، أي: والاسم لا تدخل عليه قد الحرفية فكذا ما أشبهه. قوله (بمعنى اشتد) أي: فهي متصرفة وقوله: وليست عسى الجامدة أي: الموضوعة لإنشاء مترجي. قوله: (وجوب دخولها عند البصريين الخ) إنما وجب ذلك لأجل أن تكسر سورة الماضي المنافي للحال بتقريبه له كذا قالوا، واعترض بأن الحال النحوية لا ينافيها الماضي؛ لأنها وصف مقيد لعامله فزمنها زمن عاملها سواء كان ماضياً كما في نزل آدم من الجنة، وقد الحال الزمانية التي تقرب قد منها وشتان ما بين الحالين فكلامهم لا يتم إلا لو كانت الحال مضمونها لا يقع إلا في أسف على ذلك حالياً كما في جاء زيد الآن راكباً أو استقبالياً كما في سيجيء زيد راكباً، وإنما ينافي الماضي الحال الزمانية، وليس كذلك كما علمت والقول بأنهم التفتوا لمطلق حال ومضى واه وأجاب السيد الجرجاني بأن الأفعال إذا وقعت قيوداً لما له اختصاص بأحد الأزمنة الثلاثة فهم استقبالها وحاليتها وماضويتها بالنسبة إلى ذلك المقيد لا بالنسبة لزمن التكلم كما هو أصل حقيقتها وليس ذلك بمستبعد فقد صرحوا في مبحث حتى أن الفعل
٢٨٧ - التخريج: البيت لعدي بن الرقاع في (ديوانه ص ٩٩؛ والأغاني ٣/ ٣٧٤، ٩/ ٣٠٤ - ٣٠٧؛ وأمالي المرتضى ١/ ٥١١؛ وسمط اللآلي ص ٥٢١؛ وشرح التصريح ١/ ٢١٤؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٩٢؛ والشعر والشعراء ٢/ ٦٢٤؛ ولسان العرب ١٢/ ١٠٠ (جسم)، ١٥/ ٢٨ (عتا)؛ ومعجم البلدان ٢/ ٩٤ (جاسم)؛ وبلا نسبة في اللامات ص ١٢٩).
اللغة: عسا كبر وأسنّ وعسا القضيب يبس، وعسا النبات عسوا: غلظ واشتد.
المعنى: ربما زرت أمّ القاسم، لكن ما يمنعني هو الحياء واشتداد الشيب في رأسي.