{أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا}⁣[النساء: ٢٠]، وقول العجاج [من الرجز]:

  ١٢ - أَطَرَباً وَأَنْتَ قِنَّسْريُّ ... والدَّهْر بالإِنْسَان دَوارِيُّ

  أي أَتَطْرب وأنْتَ شيخ كبير؟

  والرابع: التقرير، ومعناه حَمْلُكَ المخاطَبَ على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوتُهُ أو نَفْيُه، ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به، تقول في التقرير بالفعل: «أَضَرَبْتَ زيداً؟» وبالفاعل: «أأنْتَ ضَرَبْتَ زَيْداً»، وبالمفعول: «أزيداً ضَرَبْتَ»، كما يجب ذلك في المستفهم عنه، وقوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا}⁣[الأنبياء: ٦٢]

  قوله: (وقول العجاج) عطف على المضاف إليه نحو المتقدم فهو بالجر. قوله: (أطرباً). هو إما مصدر مؤكد بفعل محذوف أي أتطرب أو مفعول به محذوف أي أتأتي والجملة بعده حالية وقوله دواري أي ينتقل به من حال إلى حال.

  قوله: (قنسري) ضبط بالضم في نسخة والدنا رحمه الله بكسرة تحت القاف وشدة فوق النون وسكون السين وكسرة على الراء وشدة فوق الياء ومعناه شيخ كبير. قوله: (دواري) صيغة مبالغة من دار انتقل وفي نسخة قيسرى. قوله: (والرابع التقرير) العلاقة بينه وبين الاستفهام الحقيقي السببية؛ لأن الاستفهام سبب في الإقرار بالجواب الذي يعرفه المخاطب. قوله: (والاعتراف) مرادف للإقرار قوله: (قد استقر) أي: ثبت عنده ثبوته نحو أكرمتك وقوله أو نفيه نحو أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين. قوله: (ويجب أن يليها الخ) الوجوب إنما هو باعتبار اصطلاح علماء المعاني؛ لأن المقتضيات المناسبة للحال واجبة عندهم وأما عند النحاة فهو أولى فقط، ويجوز أن يليها غيره كما حققه سيبويه في كتابه. قوله: (أضربت زيداً) أي: بإيلاء الفعل المقرر به الهمزة. قوله: (وبالفاعل أأنت ضربت زيداً) أي: بإيلاء فاعل الضرب للهمزة وهذا وإن لم يكن فاعلاً صناعياً فهو فاعل معنوي. قوله: (كما يجب ذلك في المستفهم عنه) أي: فنقول أزيد

١٢ - التخريج: الرجز للعجاج في (ديوانه ١/ ٤٨٠؛ وجمهرة اللغة ١١٥١؛ وخزانة الأدب ص ١١/ ٢٧٤، ٢٧٥؛ والدرر ٣/ ٧٤؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٥٢؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١٨١٨؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٤٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤١، ٢/ ٧٢٢؛ والكتاب ١/ ٣٣٨؛ ولسان العرب ٥/ ٩٣ (قسر)، ١١٧ (قنسر)؛ والمحتسب ١/ ٣١٠؛ ومغني اللبيب ١/ ١٨؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ٥٤٠؛ والخصائص ٣/ ١٠٤؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٠٥؛ وشرح المفصل ١/ ١٢٣، ٣/ ١٠٤؛ والمقتضب ٣/ ٢٢٨، ٢٦٤، ٢٨٩؛ والمقرب ١/ ١٦٢، ٢/ ٥٤؛ والمنصف ٢/ ١٧٩؛ وهمع الهوامع ١/ ١٩٢، ٢/ ١٩٨).

اللغة: الطرب: الاهتزاز فرحاً أو حزناً. قنسري: شيخ كبير. دواري: كثير الدوران والتقلب من حالة إلى حالة.

المعنى: هل يليق بك الاهتزاز وأنت شيخ كبير، تدرك ولا شك أن دوام الحال من المحال؟!