· الكاف المفردة
  فإن قلت: فكيف اجتمعت مع «مثل» في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}[البقرة: ١١٨]، و «مثل» في المعنى نعت لمصدر قال المحذوف، أي: كما أن كذلك نعت له، ولا يتعدى عامل واحد لمتعلّقين بمعنى واحد، لا تقول: «ضربتُ زيداً عمراً»؛ ولا يكون «مثل» تأكيداً لكذلك، لأنه أبْيَنُ منه، كما لا يكون «زيد» من قولك: «هذا زيد يفعل
  كونها صفة في المعنى إما نعت لمحذوف أو حال.
  قوله: (فإن قلت) وارد على قوله وتقع كلمة كذلك أيضاً كذلك أي: ان كذلك تقع بعد جملة فتكون صفة في المعنى إما نعت لمصدر محذوف أو حال فهي أي: كذلك مثل لفظة كما وكما معناها مثل فلفظ كذلك معناه مثل قوله: (ومثل) أي: والحال ان لفظ مثل وقوله: المحذوف صفة لمصدر أي: صفة لمصدر، قال المحذوف ذلك المصدر. قوله: (ومثل الخ) جملة حالية، أي: كيف يصح والحال ان مثل الخ. قوله: (كما أن كذلك) أي: كما أن كلمة كذلك نعت للمصدر المحذوف. قوله: (كما أن كذلك نعت له) وحينئذ يصح هذا الاجتماع إذ لا يتعدى الخ. قوله: (ولا يتعدى) علة لمحذوف أي: وهذا الاجتماع لا يصح إذ لا يتعدى الخ. قوله: (عامل) أي: وهو هنا في المثال قال وقوله: لمتعلقين أي: لمعمولين أي: لا يصح تعديه وتسلطه على معمولين بالاستقلال ككونهما مفعولين أو صفتين أو بدلين وقلنا بالاستقلال ليخرج تعديه للمفعول والمعطوف عليه أو صفته أو المبدل منه، وقوله: لا يتعدي عامل أي: غير ما استثني من أفعال القلوب كرأيت وعلمت. قوله: (بمعنى واحد) أي في المعمولية، وإن اختلف لفظاهما بدليل التنظير يعني: من تبعية. قوله: (لا تقول) تنظير لكونه لا يصح تعدى عامل لمعمولين. قوله: (لكذلك) أي: للكاف من كذلك.
  قوله: (لأنه) أي: مثل أبين من كذلك؛ لأن مثل ظاهرة في المثلية لا تستعمل في غيرها بخلاف الكاف فقد تستعمل في غيرها، وقوله: كما لا يكون زيد الخ قضيته أنه لا يصح شربت عقاراً خمراً مع أنه لا قائل بمنعه والتوكيد هنا وهو الخمر أبين من المؤكد؛ وأجيب بأن كلام المصنف فيما إذا كان التوكيد أبين من المؤكد وضعاً كما في هذا زيد فالعلم لا شك أنه أوضح من اسم الإشارة وضعاً بخلاف ما إذا كان الإيضاح حصل بالاستعمال وفي الوضع متساويان كما في عقار خمر على ان هذا المثال جائز، ويكون خمراً بدلاً أو بياناً لا توكيداً والمعترض انما اعترض بعدم صحته بالمرة. قوله: (لأنه أبين) أي: لأن مثل أوضح من كذلك والتوكيد لا يكون أبين من المؤكد وقوله: أبين أي لأن مثل صريح في المثلية بخلاف الكاف وأيضاً مثل مضاف لقولهم وهو لا إبهام فيه بخلاف الكاف فإنها مضافة لذلك وذا مبهم؛ لأنه اسم إشارة. قوله: (لأنه أبين منه) أي: أوضح منه أي: والأوضح لا يكون توكيداً، وإنما يكون عطف بيان وإن كان لا يلزم أو ضحية عطف البيان لجواز حصول الوضوح السابق.