حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· الكاف المفردة

صفحة 490 - الجزء 1

  عمن هو على أخص أوصافه فقد نَفَوه عنه.

  وقيل: الكاف في الآية غير زائدة، ثم اختلف؛ فقيل: الزائد «مثل»، كما زيدت في {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}⁣[البقرة: ١٣٧] قالوا: وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير، اهـ.

  والقولُ بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم، بل زيادة الاسم لم تثبت، وأما {بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ}⁣[البقرة: ١٣٧] فقد يشهد للقائل بزيادة «مثل» فيها قراءة ابن عباس {بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ}، وقد تُؤوِّلت قراءة الجماعة على زيادة الباء في المفعول المطلق، أي: إيماناً مثل إيمانكم به، أي بالله سبحانه أو بمحمد عليه الصلاة والسلام، أو بالقرآن. وقيل: «مثل» للقرآن، و «ما» للتوراة، أي: فإن آمنوا بكتابكم كما آمنتم بكتابهم، وفي الآية الأولى قول ثالث، وهو أن الكاف و «مثلاً» لا زائِدَ منهما، ثم اختلف، فقيل: «مثل» بمعنى الذات، وقيل: بمعنى الصفة، وقيل: الكاف اسم مؤكد بـ «مثل»، كما عكس ذلك مَنْ قال [من الرجز]:


  أطلق الملزوم وهو مثلك وأريد اللازم وهو أنت، وكذلك في الآية أطلق الملزوم، وهو نفي المماثل لمثل الله وأريد اللازم وهو نفي مثل الله. قوله: (ولكنهم إذا نفوه) أي: الفعل، وقوله: على أخص أوصافه أي: عن شخص متصف بالأوصاف الخاصة به.

  قوله: (فقد نفوه عنه) أي: ضرورة أنه موافق له في كل الأوصاف، ولا تحصل الموافقة إلا إذا نفيت عنه كما نفيت عن مثله على أن النفي عنه بالطريق الأولى، وكذا في الآية، لما نفت مثل المثل والمماثل هو ما كان على أخص الأوصاف لزم نفي المثل. قوله: (لتفصل الكاف من الضمير) أي: لأنها لا تجره.

  قوله: (والقول بزيادة الحرف ولي الخ) هذا رد من جانب الأكثرين القائلين بالزيادة. قوله: (على زيادة الباء) أي: ومثل ليست بزائدة قوله: (وقيل مثل الخ) والمعنى: فإن آمنوا بالقرآن المماثل للتوراة في أن كلا من عند الله التي آمنتم بها فمعنى الآية، فإن آمنوا بكتابكم القرآن كما آمنتم بكتابهم التوراة قوله: (وفي الآية الأولى) أي: ليس كمثله شيء قول ثالث المناسب أن يقول؛ وقيل: ان الكاف ومثلاً لا زايد منهما ليكون من تتمة قوله: ثم اختلف فقيل الزائد مثل فيكون هذا هو النظير الآخر المحقق للخلاف وعلى صنيع المصنف لم يذكر مقابلاً للقول السابق تأمل وحاصل ما في الآية خمسة أقوال؛ قيل الكاف زائدة، وقيل: مثل، وقيل: مثل بمعنى الذات وقيل: بمعنى الصفة، وقيل: مثل توكيد للكاف، وبقي قول سادس وهو الكناية وليس هذا من تتمة أقوال الخلاف على القول الثالث.