· الكاف المفردة
  المنصوب في نحو: «أرأَيْتَكَ زَيْداً ما صَنَعَ» لأنه المفعول الثاني، ولكن الفائدة لا تتم وأما {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ}[الإسراء: ٦٢] فالمفعول الثاني محذوف، أي: لِمَ كَرَّمْتَهُ علي وأنا خيرٌ منه؟ وقد تلحق ألفاظاً أَخَرَ شذوذاً، وحمل على ذلك الفارسي قوله [من الوافر]:
  ٣٠٠ - لِسَانُ السُّوءَ تُهْدِيهَا إِلَيْنَا ... وَحِنْتَ، وَمَا حَسِبْتُكَ أَنْ تَحِينَا
  لئلاً يلزم الإخبار عن اسم العين بالمصدر، وقيل: يحتمل كون «أن» وصلتها بدلاً من الكاف سادا مسد المفعولين كقراءة حمزة {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ}[آل عمران: ١٧٨] بالخطاب.
  ويقتصر على زيد أي: على ذكره. قوله: (لأنه المفعول الثاني) أي: وما بعد المفعول الثاني يصح حذفه اقتصاراً. من غير دليل قوله: (لا تتم عنده) أي: عند المنصوب أي: وحينئذ فلا يصح الاقتصار عليه؛ لأن الاقتصار لا يصح إلا على ما تتم عنده الفائدة. قوله: (وأما أرأيتك هذا الذي كرمت علي الخ) هذا إشارة إلى جواب اعتراض من طرف الكسائي وتقرير ذلك الاعتراض أنه قد وقع الاقتصار على المنصوب بعد الكاف في هذه الآية؛ لأن اسم الإشارة فيها هو المنصوب بعد الكاف، والاسم الموصول تابع له وحاصل الجواب أن الآية ليست من قبيل الاقتصار على المنصوب بعد الكاف بحيث يكون ما بعدها حذف لغير دليل بل الحذف فيها من قبيل الاختصار فما بعد المنصوب محذوف فيها لدليل وهو صلة الموصول والحذف الممتنع قبل تمام الكلام الحذف اقتصاراً كما في المثال لا اختصاراً كما في الآية. قوله: (ألفاظ أخر) كقوله: ليسك زيد قائماً ونعمك الرجل زيد وبئسك الرجل عمرو، وقالوا: كلاك بالتشديد. قوله: (لسان السوء) أي: كلمة السوء فهو مجاز واللسان في الأصل الجارحة يذكر فيجمع على ألسنة كحمار وأحمرة ويؤنث فيجمع على السن كذراع وأذرع ويجعل كناية عن الكلمة كما في البيت فيؤنث لا غير. قوله: (وحنت) بالحاء المهملة والنون أي: هلكت من الحين وهو الهلاك. قوله: (عن اسم العين) أي: وهو المدلول عليه بالكاف وقوله: بالمصدر، أي: المؤول من أن تحينا قوله: (وقيل يحتمل الخ) وعلى الاحتمال الأول فإن تحينا مفعول أول والمفعول الثاني محذوف أي: حاصلاً. قوله: (مسداً لمفعولين) أي: لأن الكاف مبدل منه في نية الطرح فلذا لم تتغير، وإن كانت مفعولاً أول. قوله: (بالخطاب) أي: مع فتح السين أي: وليست بحسبن بالياء كما قرأه بعض.
٣٠٠ - التخريج: البيت بلا نسبة في (جواهر الأدب ص ١٢٥؛ والجنى الداني ص ٩٤؛ والدرر ١/ ٢٤٠، ٢/ ٢٦٨؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٥٠٦؛ وهمع الهوامع ١/ ٧٧، ١٥٦).
اللغة: لسان السوء: كناية عن كلمة السباب أو قصيدة الهجاء، أو رسالة التعريض والوعيد. حنت تحين مت تموت من الحين وهو الهلاك.
المعنى: لقد هلكت، وكنت أظنك قويا لن تهلك، فهل أفادك تهديدنا؟!