حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (كي) على ثلاثة أوجه:

صفحة 500 - الجزء 1

  ويرده قولهم «كَيْمَة» كما يقولون: «لمه»، وقول حاتم [من الطويل]:

  ٣٠٥ - وَأَوْقَدْتُ نَارِي كَيْ لِيُبْصَرَ ضَوْؤُهَا، ... وَأَخْرَجْتُ كَلْبِي وَهُوَ فِي الْبَيْتِ دَاخِلُهُ

  لأن لام الجرّ لا تفصل بين الفعل وناصبه، وأجابوا عن الأول بأن الأصل: «كَي يَفْعَلَ ماذا» ويلزمهم كثرة الحذف، وإخراج «ما» الاستفهامية عن الصَّدْرِ، وحذفُ ألفها في غير الجرّ، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت؛ نعم وقع في صحيح البخاري في تفسير: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢}⁣[القيامة: ٢٢]: «فيذهب كيما فيعود ظَهْرُهُ طبقاً واحداً»، أي: كيما يسجد، وهو غريب جداً لا يحتمل القياس عليه.


  قوله: (كيمه) فكي حرف جر وما اسم استفهام في محل جر والهاء للسكت. قوله: (كي ليبصر) كي حرف تعليل وجر واللام توكيد لكي وقوله: يبصر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وليست كي ناصبة وإلا لزم الفصل بين النصب والمنصوب ولا يفصل بينهما. قوله: (لأن لام الجر الخ) ولو كانت ناصبة للزم الفصل بين كي وبين الفعل وهو يبصر باللام الجارة فتعين أن اللام تعليلية مؤكدة لكي التعليلية ويبصر منصوب بأن مضمرة بعد اللام. قوله: (وأجابوا عن الأول الخ) ويمكن الجواب أيضاً عن الثاني بأن مذهبهم جاز الفصل باللام بين الناصب والمنصوب. قوله: (كثرة الحذف) أي: وهو حذف الفعل وألف ما وذا التي هي اسم إشارة ففيه حذف ثلاثة والناصب للفعل هو كي إلا أن محذوفة. قوله: (إخراج الخ) أي: لأن ما مفعول تفعل وقوله: وحذف ألفها، أي: لأن ما منصوبة بالفعل. قوله: (إخراج ما الاستفهامية عن الصدر) في دماميني أن بعضهم لا يثبت التصدير وقال به ابن مالك إذا ركبت مع ذا. قوله: (وكل ذلك) أي: وكل واحد مما ذكر من كثرة الحذف والإخراج الخ. قوله: (وكل ذلك لم يثبت) في قوة السالبة الكلية، وقوله: نعم الخ في قوة الموجبة الجزئية مناقضة لها وقوله: وهو غريب رد للمناقضة بتلك الجزئية. قوله: (نعم) استدراك على قوله: وكل ذلك الخ المفيد أن حذف الفعل المنصوب مع بقاء الناصب لم يثبت. قوله: (أي كيما يسجد) أي: فحذف الفعل وأبقى الناصب.

  قوله: (أي كيما يسجد) ما كافة وان مضمرة بعد كي ويحتمل أن ما مصدرية مؤكدة بأن المحذوفة ويحتمل أن الناصب كي على مذهب الكوفيين. قوله: (وهو) أي: حذف الفعل المنصوب مع بقاء ناصبة غريب جداً ولذا قال العلامة ابن حجر الثابت في نسخ


٣٠٥ - التخريج البيت لحاتم الطائي في (ديوانه ص ٢٨٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٥٠٩؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٠٦؛ وللنمري أو لرجل من باهلة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٦٩٧؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣/ ٥٠٠؛ ومجالس ثعلب ص ٣٤٩)

المعنى: أشعلت ناراً كي يرى المحتاجون ضوءها ليلاً فيأتون إلي، وجعلت كلبي ينبح خارج البيت ليسمع الناس صوته فيهتدون به إلي.