حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان

صفحة 52 - الجزء 1

  فما كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَابْنُ سُعْدَى ... بأَجْوَدَ مِنْكَ، يَا عُمَرُ الْجَوَادَا

  وإما بتقدير: «أمدح»، وإما نعت لمفعول به محذوف أي: عِدِي يا هند الخلَّةَ الحسناء؛ وعلى الوجهين الأوَّلَيْنِ فيكون إنما أَمَرَهَا بإيقاع الوعد الوفي، من غير أن يُعين لها الموعود؛ وقوله: «وَأْيَ» مصدر نوعيٌّ منصوب بفعل الأمر، والأصل: «وأياً» مثل «وَأَي مَنْ»؛ ومثله {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ٤٢}⁣[القمر: ٤٢]، وقوله: «أضمرت» بتاء التأنيث محمول على معنى «مَنْ» مثل «مَنْ كانت أمك»؟

  · (آ) بالمد - حرفٌ لنداء البعيد، وهو مسموع، لم يذكره سيبويه، وذكره غيره


  الراء أي تزيل كذا قال الدماميني لكن الذي في «الصحاح» ومستفاد من «القاموس» أنه من باب ضرب. قوله: (الكرب) جمع كربة الحزن والغم. قوله: (فما كعب) هو كعب الأيادي ومامة أبوه وابن سعدى هو أوس بن حارثة الطائي وسعدى أمه وإنما خص هذين الرجلين لأنهما من أكابر كرماء العرب. قوله: (بتقدير أمدح) أي: وحينئذ تكون جملة معترضة بين العامل وهو إن ومعموله وهو وأي قوله: (الخلة) أي: الخصلة والحالة كالمصافاة الحسناء. قوله: (وعلى الوجهين الأولين) أي وهما النصب على المحل وكونه بتقدير أمدح فيكون أي الشاعر إنما أمرها بإيقاع الوعد الوفي أي وأما على الثالث فقد عين لها الموعود به وهو الخلة قوله: (من غير أن يعين لها الموعود) أصله الموعود به فهو من الحذف والإيصال قوله: (بتاء التأنيث) في نسخة بتاء أي وحينئذ فهو مراع لمعنى من وهي المرأة وهذا أحسن من مراعاة اللفظ؛ لأنه أكثر وقوعاً في القرآن، ولو راعى اللفظ لقال أضمر.

  قوله: (من كانت أمك) أي بنصب الأم على أنها خبر كان واسمها ضمير مؤنث عائد على من لأن المراد بها مؤنثة أي أي النساء كانت أمك ولذلك أدخل تاء التأنيث على كان. قوله: (لنداء البعيد) مراده به ما يشمل المتوسط بناء على أن المراتب ثلاثة بعيد وقريب ومتوسط وإلا فالأمر ظاهر.


= ٢٥٤؛ واللمع ص ١٩٤؛ والمقتضب ٤/ ٢٠٨؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤/ ٢٣؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٤٧؛ وشرح قطر الندى. ٢١٠؛ وهمع الهوامع ١/ ١٧٦).

اللغة الفضل ما يزيد عن الحاجة، وهنا يعني الإحسان الكرب: الهموم والأحزان، جمع كربة. كعب بن مامة: رجل من إياد سقى صاحبه ومات هو عطشاً. ابن سعدى: هو أوس بن حارثة الطائي، أحد كرماء العرب.

المعنى: إن كرمك وسخاءك يصل إلى قريش كلها، فيمحو الغم والأحزان الشديدة عنهم. جميعاً، وأنت تؤثر الآخرين على نفسك، فلا كعب ولا أوس أكثر كرماً وإيثاراً منك.