حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان

صفحة 53 - الجزء 1

  · (أنا) حرف كذلك، وفي الصحاح أنَّه حرفٌ لنداء القريب والبعيد، وليس كذلك، قال الشاعر [من الطويل]:

  ١٧ - أَيَا جَبَلَيْ نَعْمَانَ بِاللَّهِ خَلْيا ... نَسِيمَ الصَّبَا يَخْلُصُ إِلَيَّ نَسِيمُهَا

  وقد تبدل همزتها هاء، كقوله [من الكامل]:

  ١٨ - فأَصَاخَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ حَيّاً ... ويقولُ مِنْ فَرَحَ: هَيَا رَبًا


  قوله: (حرف كذلك) أي: لنداء البعيد قوله: (وليس كذلك قال الخ) ليس مراده بهذا البيت الرد على الصحاح؛ لأنه إذا كان ينادي بها البعيد ويمنع من أن ينادي بها القريب وإنما مراده الاستدلال على أصل الدعوة وهو قوله حرف كذلك. قوله: (أيا جبلي نعمان الخ) هذا البيت لقيس بن الملوح مجنون ليلى على ما قيل. قوله: (نعمان) بفتح النون وادي في طريق الطائف قوله: (الصباح) هو ريح لينة تخرج من المشرق، وقوله إلى نسيمها يصح يكون الضمير عائداً على النسيم والمراد بالنسيم الأول ريح الصبا والإضافة بيانية والمراد بالنسيم الثاني الريح اللينة، ويحتمل أن يكون عائداً على المحبوبة وأعاده عليها وإن لم يذكرها لكونها في خياله لا تفارقه فهي حاضرة اهـ تقرير دردير. قوله: (فأصاخ) أي استمع أي الراعي في البيت قبله وهو قوله:

  وحديثها كالقطر يسمعه ... راعي سنين تتابعت جدبا

  أي: محلاً فلما ظن كلامها قطراً أي مطراً رقيقاً رفع صوته يجامع ظن كل منهما مقدمة لغيره من وصال وغيث، فإن أول الغيث قطر، ثم ينسكب، وقوله حياً أي مطراً كثيراً. قوله: (هيا ربا) أصله ربي أبدلت الياء ألفاً.


١٧ - التخريج: البيت للمجنون في (ديوانه ص ١٩٦؛ والزهرة ١/ ٣٠٣؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٦٠؛ وبلا نسبة في الحماسة الشجرية ٢/ ٥٨٠؛ وشرح التصريح ١/ ١٥٢).

اللغة: جبلا نعمان قرب تهامة. خلّيا: اتركا. الصبا: ريح تأتي من جهة الشرق. يخلص إلي: يصل إلي كاملاً.

المعنى: يتوجه بالرجاء لجبلي نعمان، بأن يسمحا لنسيم الريح القادمة من المشرق أن تصل إليه كاملة، فيشم طيب محبوبته بها.

١٨ - التخريج: البيت بلا نسبة في (أمالي القالي ١/ ٨٤؛ والبيان والتبيين ١/ ٢٨٣؛ والخصائص ١/ ٢٩، ٢١٩؛ وشرح شواهد المغني ص ٦٣؛ ولسان العرب ١٥/ ٣٧٦ (هيا)؛ وفي معجم شواهد النحو الشعرية (الرقم ٢٢٢) أنه ورد منسوباً للراعي في ألف باء للبلوي ٢/ ٤٧٨، ولم أجده في ديوانه).

اللغة: أصاخ: أنصت. الحيا: المطر هيا: حرف نداء كـ (أيا).

المعنى: أنصت يستمع للصوت، راجياً من ربه أن يكون صوت قطرات المطر هو ما يسمعه، ثم هتف بفرح وسعادة: يا رب حقق لي أمنياتي.