حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 532 - الجزء 1

  ومفرداً مؤنثاً في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}⁣[المدثر: ٣٨]، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}⁣[آل عمران: ١٨٥؛ والأنبياء: ٣٥؛ والعنكبوت: ٥٧] ومثنى في قول الفرزدق [من الطويل]:

  ٣٢٣ - وكلُّ رَفِيقي كلِّ رَحْلِ - وَإِنْ هُمَا ... تَعَاطى الْقَنا قَوْمَاهُما - أَخَوَانِ

  وهذا البيت من المشكلات لفظاً ومعنى وإعراباً، فلنشرحه.

  قوله: «كل رَحْلِ» «كل» هذه زائدة، وعكسه حذفها في قوله تعالى: {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ٣٥}⁣[غافر: ٣٥] فيمن أضاف، و «رخل»: بالحاء المهملة، و «تعاطى»: أصله: «تَعَاطَيَا» فحذف لامه للضرورة، وعكسه إثبات اللام للضرورة فيمن قال [من المتقارب]:

  ٣٢٤ - لَهَا مَتْنَتَانِ خَظاتا كَما ... [أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ النَّمِر]


  قوله: (ومفردا) معطوف على قوله مفرداً مذكراً وقوله مفرداً مؤنثاً أي لأن كلاً مضافة لمفرد مؤنث. قوله: (كل نفس بما كسبت) هذا محل الشاهد وقوله رهينة لا شاهد فيه لأن رهينة ليس مؤنث رهين لتأنيث النفس إذ لو قصد الوصف لقيل رهين لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث بل هو اسم بمعنى الرهن فالتاء للنقل من الوصفية للإسمية. قوله: (ومثنى) عطف على مفرد قوله: (وكل رفيقي الخ) كل مبتدأ وقوله هما إخوان خبره قوله: (من المشكلات لفظاً وإعراباً ومعنى) لم يظهر لإشكال اللفظ وجه زائد على خفاء المعنى والإعراب. قوله: (كل هذه زائدة) هذا وجه الإشكال لفظاً، وكذا إفراد تعاطى ونصب قوماً، وأما الإعراب فمن حيث نصب قوماً وإفراد قوماً ويلزم من الإشكال لفظاً وإعراباً الإشكال في المعنى وأيضاً المتبادر من قوماً إنهم جماعة الرجال ولا معنى لقولنا، وإن هما تعاطى القنا هما جماعة الرجال والشاهد فيه من حيث إضافة كل لمثنى وأعاد عليها الضمير مثنى. قوله: (أصله تعاطيا) أي: فهو فعل لحقه ضمير التثنية وحذف منه لام الفعل وهي الباء وألف تعاطى فاعل لا أنها من الكلمة فإعرابه تعاطى فعل ماض والألف فاعل حذفت لامه للضرورة. قوله: (فيما أضاف) أي: في قراءة من أضاف قلب لمتكبر فنقص كل قلب متكبر وهو عكس زيادتها في البيت. قوله: (متنتان) أي: جانباً ظهر خطاتا أي تحركتا. قوله: (خظاتا) بالخاء والظاء المعجمتين والأصل خظتا كغزتا


٣٢٣ - التخريج: البيت للفرزدق في (ديوانه ٢/ ٣٢٩؛ وخزانة الأدب ٧/ ٥٧٢؛ ٥٧٣؛ ٥٧٩؛ والدرر ٥/ ١٣٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٣٦؛ ولسان العرب ٥/ ٤٢٤ (يدي)).

اللغة: الرحل: أداة توضع فوق البعير، وتشدّ بأحزمة، ليجلس الراكب عليها. القنا: الرماح، وأراد بها الحرب.

المعنى: إن رفيقي الطريق أخوان حقيقيان، حتى لو كانت قبيلتاهما متحاربتين.

٣٢٤ - التخريج: البيت لامرئ القيس في (ديوانه ص ١٦٤؛ والأشباه والنظائر ٥/ ٤٦؛ وأنباه الرواة ١/ ١٨٠؛ والحيوان ١/ ٢٧٣؛ وخزانة الأدب ٧/ ٥٠٠، ٥٧٣، ٥٧٦، ٩/ ١٧٦، ١٧٨؛ وسر =