قوله: (وجب مراعاة معناها)
  على الشاذ، وإنما الجميع باعتبار معنى الأمة؛ ونظيره الجمع في قوله تعالى: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ}[آل عمران: ١١٣]، ومثل ذلك قوله تعالى: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ}[الحج: ٢٧]، فليس الضامر مفرداً في المعنى لأنه قسيم الجمع وهو: {رِجَالًا}[الحج: ٢٧]، بل هو اسم جمع كـ «الجامل» و «الباقر» أو صفة لجمع محذوف أي كل نوع ضامر؛ ونظيره {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}[البقرة: ٤١]، فإن {كَافِرٍ} نعت لمحذوف مفرد لفظاً مجموع معنى، أي: أول فريق كافر، ولولا ذلك لم يقل {كَافِرٍ} بالإفراد.
  وأَشْكَلُ من الآيتين قوله تعالى: {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ٧ لَا يَسَّمَّعُونَ}[الصافات: ٧ - ٨] ولو ظفر بها أبو حيَّان لم يعدل إلى الاعتراض ببيت عنترة.
  والجواب عنها أن جملة {لَا يَسَّمَّعُونَ} مُسْتَأنفة أخبر بها عن. حال «الْمُسْتَرِقِينَ»، لا صفة لـ «كلّ شيطان»، ولا حال منه؛ إذ لا معنى للحفظ من شيطان لا يسمع،
  الضميرين من غير إشكال ولا توهم خلافاً للمصنف.
  قوله: (وعلى كل ضامر يأتين) فلا يقال يأتين جمع مع إن كل ضامر مقصود منه الحكم على كل فرد بحيث يخرج على القليل بل ضامر جمع معنى لأنه اسم لجماعة الإبل سلمنا أن ضامر مفرد لكن هو صفة لموصوف جمع معنى وهو نوع وهذه الآية فيه نوع إشكال. قوله: (لأنه قسيم الخ) علة لقوله فليس مفرداً في المعنى أي والشأن أن الجمع إنما يقابل بجمع قوله: (كالجامل) هو قطيع الإبل مع رعاتها والباقر جماعة البقر مع رعاتها. قوله: (ونظيره) أي: من حيث إن أول مفرد صفة لجمع معنى محذوف وإلا لزم الإخبار بالمفرد وهو أول عن جمع وهو الواو في قوله ولا تكونوا على إن أفعل التفضيل إذا أضيف لنكرة تمت مطابقته لموصله فكان الواجب أول كافرين. قوله: (وأشكل من الآيتين) وجه كونه أشكل إن الشيطان مفرد لفظاً ومعنى والحكم على كل فرد من إفراده وقد جمع الضمير بعده في قوله لا يسمعون ولا يتأتى أن يقال هنا إن شيطان صفة لموصوف محذوف جمع في المعنى كما قيل في ضامر ولا إنه جمع في المعنى كما قيل في أمة ضامر. قوله: (ولو ظفر بها) أي: تنبه لها. قوله (إلى الاعتراض) أي: على ابن مالك وإنما لم يعدل لأن الاعتراض بالآية أقوى من الاعتراض بالبيت، قال الشارح وهذا تحامل من المصنف على أبي حيان لأن أبا حيان عرف الجواب عن الآية لأن هذا الجواب مذكور في «الكشاف» وهو معلوم لأبي حيان لأنه فسر القرآن بتفسير عظيم، فلما عرف جوابها لم يعترض بها قوله: (مستأنفة) أي: نحوياً أي ابتداء فكأنه قيل إذا عرفت أن السماء محفوظة فهم لا يسمعون قوله: (لا صفة لكل شيطان) أي: لأن المعنى وحفظاً من شيطان موصوف بعدم السماع والحال في المعنى ترجع للصفة فلذا اكتفى المصنف بعلة. قوله: (إذ لا معنى الخ) والجواب إن قوله لا يسمعون أي بعد الحفظ فهي حال منتظرة أو صفة على هذا التقدير. قوله: (إذ لا معنى للحفظ من كل شيطان لا يسمع) أي: