حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 539 - الجزء 1

  وحينئذ فلا يلزم عَوْدُ الضمير إلى «كل»، ولا إلى ما أضيفت إليه، وإنما هو عائد إلى الجمع المستفاد من الكلام.

  وإن كان «كلّ» مضافة إلى معرفة فقالوا: يجوز مراعاة لفظها ومراعاة معناها، نحو: «كلهم قائم، أو قائمون»، وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ٩٤ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ٩٥}⁣[مريم: ٩٣ - ٩٥]. والصواب أن الضمير لا يعود إليها من خبرها إلا مفرداً مذكراً على لفظها، نحو: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[مريم: ٩٥] الآية، وقوله تعالى فيما يحكيه عنه نبيه عليه الصلاة والسلام: «يا عِبَادِي كُلكم جائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُه» الحديث،


  كما هو معنى جعلها صفة أو حالاً والمراد لا معنى له يعتد به في كلام البلغاء إذ القصد أن الكواكب حفظت من الشياطين عموماً في أي حال، ثم استؤنف لبيان حالهم الواقعي بعد الحفظ بأنهم بسببه لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب ولا نكتة في تقيد الحفظ بعدم السماع، وإن كان له معنى صحيح أي لا يسمع في الواقع، وإن كان قصده السماع قوله: (عائد إلى الجمع المستفاد من الكلام) أي: لأن الحكم على الإفراد يتضمن الحكم على المجموع قوله: (المستفاد من الكلام) أي: من بعضه وهو قوله من كل شيطان. قوله: (فقالوا) أي: النحاة قوله: (يجوز مراعاة لفظها الخ) أي: سواء كان في الخير أو في غيره. قوله: (وقد اجتمعتا) أي: مراعاة اللفظ والمعنى. قوله: (إن كل من في السموات) أي: ما كل شخص من الأشخاص الذين في السموات الخ. قوله: (الآتي) لاحظ اللفظ فعاد الضمير عليها مفرداً وقوله: كل من في السموات كل هنا أضيفت إلى معرفة وهو من الذي هو اسم موصول وقوله: لقد أحصاهم راعي المعنى فعاد الضمير عليها مجموعاً، وقوله: وكلهم آتيه راعى فيه اللفظ والشاهد في الضمير المستتر.

  قوله: (والصواب) رد لما قاله النحاة ولو قلة إن الضمير لا يعود إليها رده الدماميني بأنه عاد من الخير جمعاً، ففي «صحيح البخاري» كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قوله: (من خبرها) ظاهره إن الكلام في الضمير الكائن في الخبر وهو ينافي ما تقدم له في قوله في بيت فاطمة إن الشاهد في قوله، وإن أمروا مع إنه ليس خبراً وإن كان الكلام السابق في النكرة وهنا في المعرفة ولا فرق بينهما فالمناسب إن الخلاف ليس خاصاً بالخبر خلافاً لما قاله هنا قوله: (إلا مفرداً) أي: خلافاً لما قاله النحاة من جواز مراعاة اللفظ والمعنى كان الضمير في الخير أو في غيره. قوله: (على لفظها) أي: مراعاة للفظها. قوله: (نحو وكلهم آتيه) أي: فالضمير المستتر في آتي عائد على كل وما البارز فهو عائد على الله وآتيه خبر عن كلهم قوله: (كلكم جائع) كلكم مبتدأ وجائع خبر وفيه ضمير مفرد عائد على كل، وكذا قوله كل الناس يغدو فالضمير في يغدو عائد على كل وهو مفرد وليست الواو فيه ضمير الجمع بل من بنية الكلمة كواو يغزو.