حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 541 - الجزء 1

  مسنداً إلى {عَنْهُ} كما تَوَهَّم بعضهم، ويردُّه أن الفاعل ونائبه لا يتقدمان على عاملهما؛ وأَما {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ}⁣[مريم: ٩٤] فجملة أجيب بها القسم، وليست خبراً عن كل، وضميرُها راجع، لمَنْ لا لكل، ومن معناها الجمع.

  فإن قُطِعَتْ عن الإضافة لفظاً؛ فقال أبو حيان: يجوز مراعاة اللفظ نحو: {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}⁣[الإسراء: ٨٤]، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}⁣[العنكبوت: ٤٠]، ومراعاة المعنى، نحو: {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ٥٤}⁣[الأنفال: ٥٤]. والصواب أن المقدر يكون مفرداً نكرة؛ فيجب الإفراد كما لو صرّح بالمفرد، ويكون جمعاً معرفاً فيجب الجمع، وإن كانت المعرفة لو ذكرت لوجب الإفراد، ولكن فعل ذلك تنبيهاً على حال المحذوف فيهما، فالأول نحو {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}⁣[الإسراء: ٨٤]، {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٨٥]، {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}⁣[النور: ٤١]، إذ التقدير كل أحد؛ والثاني، نحو: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ١١٦}⁣[البقرة: ١١٦]، {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٣٣}⁣[الأنبياء: ٣٣]، {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ٨٧}⁣[النمل: ٨٧]، {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ٥٤}⁣[الأنفال: ٥٤]، أي: كلهم.


  المفهوم من المعنى قلت لو كان الأمر كذلك لوجب الإبراز، فإن قلت إنه ماشٍ على المذهب الكوفي قلت إنه مذهب ضعيف.

  قوله: (وأما لقد أحصاهم) هذا جواب عما يقال قولك والصواب أن الضمير لا قعود عليها من خبرها إلا مفرد يرد عليه قوله لقد أحصاهم فأجاب بأنه ليس خبراً. قوله: (ومن معناها الجمع) أي: فلذا عاد عليها ضمير الجمع. قوله: (وإن قطعت) أي: كل عن الإضافة أي فلم تضف لمعرفة ولا لنكرة قوله: (فقال أبو حيان الخ) فتحصل أن مذهب أبي حيان أنه يجوز مراعاة اللفظ والمعنى سواء أضيفت لنكرة أو لمعرفة أو قطعت عن الإضافة، أما حالة الإضافة لنكرة فتقدم أنه اعترض على ابن مالك، وأما في حالة المعرفة أو فأبو حيان داخل في قوله قالوا الخ، وأما هنا فصرح به المصنف. قوله: (إن المقدر) أي: التي أضيفت إليه كل في المعنى. قوله: (يكون مفرداً) أي: يجوز أن تقدره مفرداً نكرة ويجوز أن تقدره جمعا معرفاً فالضمير راجع لما تقدره ولا تلتفت للفظها. قوله: (فيجب الإفراد كما لو صرح بالمفرد) اعترض بأنه إذا صرح بالمفرد عند المصنف يجب الإفراد إن أريد النسبة لكل فرد لا إن أريد النسبة للمجموع قلت إنه ماش على مذهب ابن مالك أو يقال يجب الإفراد أي إن أريد كل فرد فإن أريد المجموع جمع. قوله: (وإن كانت المعرفة الخ) أي: يجب الجمع والحال أن المضاف إليه المعرفة إذا ذكر يجب الإفراد كما تقدم للمصنف في قوله والصواب أن الضمير لا يعود الخ. قوله: (تنبيهاً) أي: فرقاً بين المحذوفين.