مسألتان: الأولى
  مسألتان - الأولى: قال البيانيون: إذا وقعَتْ «كلّ» في حَيْزِ النفي كان النفي مُوَجَّهاً إلى الشمول خاصة، وأفاد بمفهومه ثبوت الفعل لبعض الأفراد، كقولك: «ما جاء كل القوم، ولم آخذ كل الدراهم، وكل الدراهم لم آخذ» وقوله [من البسيط]:
  ٣٣٠ - مَا كلُّ رَأْيِ الْفَتَى يَدْعُو إِلَى رَشَدِ
  وقوله [من البسيط]
  ٣٣١ - ما كلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... [تأْتِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السِّفْنُ]
  وإن وقع النفي في حيّزها اقتضى السّلْبَ عن كل فرد، كقوله عليه الصلاة والسلام - لما قال له ذو اليدين: «أنَسِيتَ أم قُصِرَتِ الصلاة» -: «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ»، وقول أبي النجم [من الرجز]:
مسألتان: الأولى
  قوله: (في حيز النفي) أي: بأن تقدمها النفي لفظاً كقولك ما جاء كل القوم أو تقديراً كما إذا وقعت معمولة للمنفي بعدها نحو كل الدراهم لم آخذ قوله: (إلى الشمول) أي: العموم خاصة لا إلى أصل الحكم أي وحينئذ تكون القضية سالبة جزئية لأن العموم هو المنفي فلا ينافي أن الحكم ثابت للبعض. قوله: (وأفاد بمفهومه) أي: الكلام المفهوم من المقام ثبوت الفعل لبعض الإفراد؛ لأن منطوقه سلب عموم الحكم عن الإفراد أي إنه لم يثبت لكل الإفراد ومفهومه أنه يثبت لبعض الإفراد ومراده بثبوت الفعل تعلقه، ولو عبر بالحكم لشمل الوصف والاسم الجامع نحو ما كل رجل أخوك ثم ثبوت الحكم لبعض الإفراد ليس قطعياً لأن سلب العموم يصدق بعموم السلب لأن عدم ثبوت الحكم لكل الإفراد يصدق بثبوته للبعض وينفيه عن كل فرد. قوله: (ثبوت الفعل) المراد بالفعل اللغوي وهو الحدث الشامل للفعل الحقيقي فيعم الفعل المصطلح عليه ويعم الوصف خلافاً لما فهمه الشارح من أن المراد الفعل الإصطلاحي، فقال ومثله الوصف ولو عبر بالحكم لكان أولى ليعم الجامد نحو ما كل رجل أخوك.
  قوله: (ما كل ما يتمنى المرء) أي: إن إدراك المرء وتحصيله لكل فرد من أفراد الأمور التي يتمناها لم يثبت قوله: (يدركه) أي: يحصله. قوله: (وإن وقع النفي في حيزها) أي: بأن تقدمت على النفي قوله: (اقتضى) أي: أفاد الكلام السلب أي نفي الحكم عن كل فرد أي وتكون القضية حينئذ سالبة كلية قوله: (لما قال له ذو اليدين) اسمه الخرباق ولقب بذلك لطولِ في يديه قوله: (أم قصرت الصلاة) الرواية رفع الصلاة على الفاعلية. قوله: (كل ذلك لم يكن) أي: كل واحد من الأمرين لم يقع وليس المراد
٣٣٠ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
٢٣١ - التخريج: البيت للمتنبي في (ديوانه ٤/ ٣٦٦).