حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألتان: الأولى

صفحة 543 - الجزء 1

  ٣٣٢ - قَدْ أَصْبَحَتْ أمُ الْخِيَارِ تَدَّعِي ... عَلَيَّ ذَنْباً كُلَّه لَمْ أَصْنَع

  وقد يُشكل على قولهم في القسم الأوّل قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}⁣[الحديد: ٢٣].

  وقد صرح الشلوبين وابن مالك في بيت أبي النجم بأنه لا فَرْقَ في المعنى بين رفع «كلّ» ونَضبه؛ وردَّ الشلوبينُ على ابن أبي العافية إذ زعم أن بينهما فرقاً، والحق ما


  لم يقع كل واحد من الأمرين القصر والنسيان واستدل لكونه الكلام من قبيل شمول النفي وعمومه بوجهين أحدهما: إن جواب أم إما بتعيين أحد الأمرين أو بنفيهما جميعاً تخطئة للمستفهم في اعتقاد وقوع أحدهما لا ينفي الجمع بينهما لأنه عارف بأن الكائن أحدهما، والثاني: ما روي أنه لما قال له النبي كل ذلك لم يكن قال له ذو اليدين بل بعض ذلك قد كان ومعلوم إن الثبوت للبعض إنما ينافي النفي عن كل فرد لا النفي عن المجموع إن قلت حيث كان قوله كل ذلك لم يكن من باب شمول النفي يلزم الكذب في خبره # وهو محال، فالجواب إن المراد كل ذلك لم يكن في ظني ويجوز على ظنه السهو الرحماني لحكمة كإيضاح التشريع إنما المستحيل إنساء الشيطان: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}⁣[الإسراء: ٦٥] وقد ورد أني لا أنسى ولكن أنسى أي ينسيني الله لحكمة. قوله: (كله لم أصنع) برفع كل أي كل فرد من أفراد الذنوب لم أصنعه فهو من عموم السلب؛ لأن قصده تبرئة نفسه من أفراد الذنب عموماً ولذلك عدل إلى الرفع مع عدم الضمير، وإن كان يلزم عليه قبح تهيئة العاملة للعمل وقطعه عنه لأن النصب إنما يفيد سلب العموم وأن المعنى لم أصنع كل فرد من أفراد الذنوب بل صنعت بعضها وهذا غير مراد الشاعر، والحاصل أن النصب لا يلزم عليه قبح لكنه لا يفيد مراد الشاعر بخلاف الرفع. قوله: (والله لا يحب الخ) مثلها: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ٢٧٦}⁣[البقرة: ٢٧٦] {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠}⁣[القلم: ١٠] قال السعد إن القاعدة أغلبية. قوله: (والله لا يحب كل مختال) أي: فكل وقعت في حيز النفي فتفيد أن المنفي الشمول وأن البعض ثابت له المحبة من الله. قوله: (وقد صرح) تأييد للاعتراض بالآيتين.

  قوله: (بأنه لا فراق الخ) أي: خلافاً لما قاله البيانيون أنه من في حالة الرفع معناه عموم السلب وبالنصب يدل على سلب العموم قوله: (لا فراق الخ) أي: بل كل من الرفع والنصب مفيد لعموم السلب. قوله: (إذ زعم أن بينهما فرقاً) أي: وابن أبي العافية


٣٣٢ - التخريج: الرجز لأبي النجم في (تخليص الشواهد ص ٢٨١؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٥٩؛ والدرر ٢/ ١٣؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٤، ٤٤١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٤٤؛ وشرح المفصل ٦/ ٩٠؛ والكتاب ١/ ٨٥؛ والمحتسب ١/ ٢١١؛ ومعاهد التنصيص ١/ ١٤٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٢٤؛ وبلا نسبة في الأغاني ١٠/ ١٧٦؛ وخزانة الأدب ٣/ ٢٠، ٦/ ٢٧٢، ٢٧٣؛ والخصائص ٢/ ٦١؛ وشرح المفصل ٢/ ٣٠؛ والكتاب ١/ ١٢٧، ١٣٧، ١٤٦؛ والمقتضب ٤/ ٢٥٢؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٧).