حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثانية

صفحة 545 - الجزء 1

  أي: كل وقت رزقوا فيه.

  ولهذا الوجه مُبعد، وهو ادْعَاءُ حذفِ الصفة وجوباً، حيث لم يرد مُصَرَّحاً به في شيء من أمثلة هذا التركيب. ومن هنا ضعف قول أبي الحسن في نحو: «أعْجَبَنِي ما قمت»: إن «ما» اسم، والأصل: ما قمته أي القيام الذي قمته، وقوله في «يا أيها الرجل»: إن «أيَّا» موصولة والمعنى: يا مَنْ هو الرجل، فإن هذين العائدين لم يُلفظ بهما قط، وهو مُبْعِد عندي أيضاً لقول سيبويه في نحو: «سِرْتُ طَوِيلا»، و «ضربت زيداً كثيراً»: إن «طويلاً» و «كثيراً» حالان من ضمير المصدر محذوفاً، أي: سرته وضربته، أي: «السير» و «الضرب»، لأن هذا العائد لم يتلفظ به قط.

  فإن قلت: فقد قالوا: «وَلاَ سِيَّمَا زَيْدٌ» بالرَّفع، ولم يقولوا قط: «ولا سيما هو زيد».


  الجملة أو تلك الصفة. قوله: (ولهذا الوجه) وهو أن ما اسم نكرة والجملة صفة لها. قوله: (حيث لم يصرح به في شيء) في نسخة حيث لم يرد مصرحاً به في شيء الخ. قوله: (من أمثلة هذا التركيب) أي: ولا يصح دعوى الحذف إلا إذا كان المحذوف صرح به، ولو في تركيب واحد وقوله حيث توجيه للبعد وعلة للوجوب. قوله: (من أمثلة هذا التركيب) أي: فبطل حينئذ كون هذه الجملة صفة وكون ما اسماً نكرة قوله: (ومن هنا) أي: من أجل كون حذف العائد دائماً مبعداً ضعف قول الخ. قوله: (وقوله) أي: قول أبي الحسن الأخفش. قوله: (إن أبا موصول) أي: والعائد محذوف والرجل خبر لمبتدأ محذوف هو القائد قوله: (فإن هذين الخ) علة لقوله ضعف فهو توكيد للعلة المتقدمة وهي قوله من هنا.

  قوله: (لم يلفظ بهما قط) أي: وهذا مما يبعد كون ما وأي موصولتين لأن عائد الموصول غير ملتزم حذفه وحينئذ فالأحسن أن تجعل ما في الأول موصولاً حرفياً مؤولة مع صلتها بمصدر فاعل وأياً في المثال الثاني وصلة لنداء ما فيه أل والمحلي بعدها بدل أو عطف بيان ولا حذف أصلاً. قوله: (وهو مبعد) أي: حذف العائد أبداً مبعداً الخ. قوله: (من ضمير المصدر) أي: الضمير العائد على المصدر المفهوم من الفعل المذكور. قوله: (لأن هذا العائد) أي: على المصدر وكان الأولى أن يقول لأن هذا الضمير لأن عادتهم أنهم يعبرون بالعائد عن الضمير الذي في الصلة أو الصفة أو الخبر والخالص من البعد إعراب ذلك مفعولاً مطلقاً لأن الموصوف مصدر قوله: (بالرفع) أي: ولا يتأتى الرفع إلا بجعل ما اسماً موصولاً وزيد خبراً لمبتدأ محذوف أي هو زيد فقد حذفوا العائد التزاماً، وحينئذ فحذفه التزاماً غير مضعف وحاصل الجواب بالمنع أي لا نسلم أن التزام حذف العائد ليس بمضعف إذ هذا التركيب شذوا فيه والشاذ لا يقاس عليه.