حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان

صفحة 55 - الجزء 1

  «أن»، وعلى القول الأول؛ فالصحيح أنها بسيطة لا مُرَكَبَّة من «إِذْ» و «أَنْ»، وعلى البساطة فالصَّحيح أنَّها الناصبة، لا «أن» مضمرة بعدها.

  المسألة الثانية في معناه. قال سيبويه: معناها الجواب والجزاء، فقال الشلوبين في كلِّ موضع، وقال أبو علي الفارسي: «في الأكثر، وقد تتمحض للجواب، بدليل أنه يُقال لك: «أحبك»، فتقول: «إذن أظنك صادقاً»؛ إذ لا مجازاة هنا ضرورة».

  والأكثرُ أن تكون جواباً لـ «إنْ» أو «لَوْ» ظاهرتَيْنِ أو مقدرتين؛ فالأول كقوله [من الطويل]:


  قوله: (وعلى الأول) أي: وإذا مشينا على القول الأول أي وأما على الثاني فبساطتها باتفاق قوله: (لا مركبة) أي: كما أحد قولي الخليل وعليه فتكون نقلت حركة الهمزة للساكن قبلها، ثم حذفت الهمزة لالتقاء الساكنين فصار إذن قوله: (لا أن مضمرة بعدها) أي: كما يقوله الخليل اهـ دماميني قوله: (معناها الجواب) ليس المراد به ما يراد في قولهم جواب الشرط ولا ما يراد في قولهم نعم مثلاً حرف جواب كما فهمه المصنف، فاستشكله بأنها ليست كذلك، وإنما المراد أنها تقع صدر كلام وقع جواباً لكلام سبق تحقيقاً أو تقديراً فلا تقع ابتداء كلام مستقبل غير مرتبط بشيء قبل.

  قوله: (فقال الشلوبين الخ) هذا بيان لكلام سيبويه والشلوبين بفتح اللام وضمها وبعد الواو حرف بين الباء والفاء اسم أعجمي ومعناه الأبيض الأشقر، ومعنى كونها للجواب أن تقع في كلام مجاب به آخر سواء كان ملفوظاً أو مقدراً كانت هي في الصدر أو الحشو أو آخره ولا تقع في كلام مقتضب ابتداء ليس جواباً عن شيء، فباعتبار ملابستها للجواب على هذا الوجه سميت حرف جواب والمراد بكونها للجزاء أن يكون مضمون الكلام الذي هي فيه جزاء لمضمون كلام آخر.

  قوله: (وقد تتمحض) إلى قوله اهـ. من كلام الفارسي قوله: (إذ لا مجازاة الخ) أي: لأن ظن المصدق واقع في الحال ولا يصلح أن يكون جزاء لذلك الفعل إذ الجزاء مستقبل لا حال.

  قوله: (والأكثر أن تكون جواباً لأن) أي: فتكون للجواب والجزاء غالباً ومن غير الغالب تتمحض للجواب فهذا مرور على مذهب الفارسي ومن غير الأكثر أن تكون زائدة كما سيأتي في كلامه اهـ تقرير دردير، والمراد بكونها جواباً أنها حرف تصحب الجواب، وإن لم تكن رابطة له بالشرط، فأطلق عليها الجواب تجوزاً نظراً إلى ملابستها له ووقوعها في صحبته وليس المراد بكونها جواباً، لأن أنها نفس الجواب قطعاً، ولا رابطة للجواب بالشرط؛ لأن المصنف نفسه عاب ذلك على المعربين في قولهم أنها جواب الشرط. قوله: (والأول) أي: وقوعها جواباً لأن أو لو ظاهرتين.