والثالث: الملك
  وقوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ١}[قريش: ١] وتعلقها بـ «فليعبدوا»؛ وقيل: بما قبله، أي: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥} {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ١}[الفيل: ٥ وقريش: ١]، ورجح بأنهما في مصحف أُبي سورةً واحدةً، وضعف بأن «جَعَلَهُمْ كَعَصْفِ» إنما كان لكفرهم وجرأتهم على البيت؛ وقيل: متعلّقة بمحذوف تقديره، اعجبوا، وكقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ٨}[العاديات: ٨] أي: وإنه من أجل حب المال لبخيل، وقراءة حمزة
  فيا عجباً من رحلها المتحمل
  قوله: (ويوم عقرت الخ) فتح يوم مع كونه عطفاً على مرفوع أو مجرور وهو يوم من قوله:
  ولاسيما يوم بدارة جلجل
  لأنه بناه على الفتح لإضافته إلى مبني قلت ويجوز أن يكون نصباً بمحذوف أي واذكر يوم عقرت قوله: (لإيلاف قريش) أي: فاللام للتعليل والمعنى فليعبدوا رب هذا البيت لأجل إيلاف قريش رحلتين رحلة الشتاء والصيف، وإنما دخلت الفاء في قوله فليعبدوا لما في الكلام من معنى الشرط لأن المعنى إن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل هذه النعمة الواحدة الظاهرة ولا يضر تقديم معموله ما بعد فاء الجواب عليه لأنه لإفادة العرض الذي يقتضيه المقام وهو الحصر. قوله: (وقيل بما قبله) أي: لأن القرآن كلام واحد فلا ضرر في تعلق ما في سورة منه بما في أخرى. قوله: (بأنهما) أي: سورة قريش وسورة الفيل. قوله: (سورة واحدة) أي: بدون بسملة بينهما. قوله: (وضعف الخ) اعترض بأن الجزاء على الكفر في الآخرة لا في الدنيا، وحينئذ فلا يكون جعلهم كعصف لأجل كفرهم سلمنا أن الجزاء على الكفر يكون في الدنيا فنقول الكفر علة يترتب عليها الفعل وهو الإهلاك ولإيلاف علة غائبة للفعل فلامه للعاقبة وبيان ذلك أنه لو هدمت الكعبة ولم يهلك أصحاب الفيل لم يكن لقريش احترام فلا يقدرون على السلوك في الطريق في السفر لعدم المبالاة بهم، فلما أهلك الله أصحاب الفيل ترتيب على ذلك احترامهم فصاروا يألفون الرحلتين وذكرت هذه العلة الثانية لأنها الممتن بها عليهم وطويت العلة الأولى لظهورها وعدم تعلق غرض بها فصح ما قاله هذا القائل.
  قوله: (وقيل متعلقة بمحذوف) رد بأن الإعجاب يتعدى بمن لا باللام. قوله: (أي وأنه من أجل الخ) أشار بهذا إلى أن الشديد معناه البخيل، وإن لامه للابتداء والشاهد في
= ولسان العرب ٤/ ٥٩٢ (عقر)؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٣٤٩، ٤٤٧).
اللغة: عقرت: ذبحت. العذارى: جمع عذراء وهي الفتاة لم تتزوج. المطية: دابة الركوب، وهي الناقة هنا الكور: ما يوضع على الدابة لتركب كالرحل.
المعنى: لقد ذبحت ناقتي لهذه الفتيات العذراوات، فيا عجبي مما كنت أحمله فوقها، كيف حملته الفتيات بعدما توازعنه فيما بينهن.