وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآية [آل عمران: ٨١]، أي: لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء محمد ﷺ، مصدقاً لما معكم لتؤمنن به. فـ «ما»: مصدرية فيهما، واللام تعليلية، وتعلقت بالجواب المؤخر على الاتساع في الظرف، كما قال الأعشى [من الطويل]:
  رَضِيعَيْ لِبَانِ ثدْي أُم تَحَالَفَا ... بِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لا نَتَفرق
  ويجوز كون «ما» موصولاً اسمياً.
  فإن قلت: فأين العائد في {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ}؟ [آل عمران: ٨١].
  قلت: إن {لِمَا مَعَكُمْ}[آل عمران: ٨١] هو نفس {لَمَا آتَيْتُكُمْ}[آل عمران: ٨١] فكأنه قيل: مصدق له؛ وقد يضعف هذا لقلّته نحو قوله [من الطويل]:
  لام لحب ومعنى الخير المال. قوله: (الآية) إنما قال ذلك لأن جواب القسم وتمام العلة بالمعطوف إنما ذكرا بعد قوله: (بعض الكتاب) أي: فمن تبعيضة وقوله لتؤمنن به أي إن أدركتموه وأممهم كذلك قوله: (ثم لمجيء محمد) أشار بذلك إلى أن لام التعليل وما المصدرية مسلطة على ما. قوله: (مصدقاً لما معكم) أي: من الكتب الحكمة. قوله: (فما مصدرية فيهما) أي: ملحوظة فيهما أي مسلطة عليهما أي المعطوف والمعطوف عليه. قوله: (وتعلقت بالجواب) وهو لتؤمنن أي وإذا أخذنا ميثاق النبيين لتؤمنن بمحمد لأمرين الأول: إيتائي لكم بعض الكتاب والحكمة، والثاني: لمجيء محمد مصدقاً لما معكم من التوراة والإنجيل أي يقول إن هذه الكتب حق وهي من عند الله. قوله: (على الاتساع) جواب عما يقال لام التعليل لها الصدارة فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وحاصل الجواب أن لما آتيتكم ظرف أي جار ومجرور وهو يتوسع فيه. قوله: (كما قال الأعشى الخ) أوله:
  رضيعي لبان ثدي أم تحالفا ... بأسحم داج عوض لا نتفرق
  فعوض ظرف بمعنى أبداً وهو متعلق لا نتفرق المقرون بلا النافية، ولا النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها فيجاب بأن الظرف يتوسع فيه اهـ تقرير دردير. قوله: (ويجوز كون ما موصولاً اسمياً) أي: واللام للتعليل والعائد محذوف في آتيتكم والمعنى لأجل الذي أتيتكم إياه وآتى يتعدى لمفعولين، وأما في المعطوف وهو جاءكم فلا يتأتى تقدير ضمير عائد على ما فأجاب بأن قوله لما معكم فيه إظهار في محل الإضمار والأصل مصدق له أي لما آتيتكم وأنت خبير بأن الإظهار في محل الإضمار ضعيف في الصلة كما في قوله: وأنت الذي في رحمة الله والأصل رحمته فأظهر في محل المضمر والضعيف لا يخرج عليه القرآن الفصيح ويجاب بأن قوله ثم جاءكم تابع ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فقوله: وقد يترجح الخ جواب عن الضعف. قوله: (وقد يضعف هذا) أي: ربط الصلة بالظاهر. قوله: (نحو قوله الخ) صدره: