حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

امن: موافقة «إلى»،

صفحة 14 - الجزء 2

  وفيه نظر؛ لأنّ النافي على هذا غير «ما» و «لم»، ولاختلاف فاعلي «كان» و «تزول»، والذي يظهر لي أنها لام «كي»، وأنّ «إنْ» شرطية، أي: وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه، وإن كان مكرُهم لشِدَّته معدًا لأجل زوالِ الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال، كما تقول: أنا أشجع من فلان وإن كان مُعَدَّا للنوازل.

  وقد تُحذف «كان» قبل لام الجحود كقوله [من الوافر]:

  ٣٤٧ - فَمَا جَمْعٌ لِيَغْلِبَ جَمْعَ قَوْمِي ... مُقَاوَمَةٌ، وَلا فَرْدٌ لِفَرْدِ

  أي: فما كان جمع، وقول أبي الدرداء ¥ في الركعتين بعد العصر: «ما أنا لأَدَعَهُمَا».

  والثامن: موافقة «إلى»، نحو قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ٥}⁣[الزلزلة: ٥]، {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}⁣[الرعد: ٢]، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨].

  والتاسع: موافقة «على» في الاستعلاء الحقيقي، نحو: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ}


  قوله: (وفيه نظر) قال الدماميني لهؤلاء الكثير أن يقولوا باشتراط هذين الشرطين لام الجحود، وحينئذ فلا يتوجه عليهم الاعتراض المذكور قوله: (لأن النافي الخ) أي: وشرط لام الجحود أن يكون النافي معها ما أو لم. قوله: (ولاختلاف الخ) أي: وشرط لام الجحود اتفاق الفاعل لما تقدم. قوله: (والذي يظهر) ليس من مخترعاته بل من كلام الزمخشري. قوله: (والذي يظهر الخ) وهو الأوفق بقراءة الكسائي لتزول منه الجبال لأن المعنى على الإثبات على القراءتين بخلافه على الوجه الذي رده فلا توافق.

  قوله: (شرطية) الظاهر أنها وصلية أي زائدة لا جواب لها، والجملة حال نحو زيد بخيل وإن كثر ماله. قوله: (الأمور العظام) أي: كالمعجزات والأحكام الشرعية. قوله: (وقد تحذف كان) أي: وتبقى ما. قوله: (فما كان جمع) أي: فحذف كان وأبقى النافي قبلها واسمها وخبرها. قوله: (ما أنا لأدعهما) أي: ما كنت لأدعهما فحذف الفعل وانفصل الضمير فهو اسم لكان المحذوفة، وقوله لأدعهما خبرها أو متعلق بمحذوف خبرها ويمكن أن يقال إن البيت وكلا أبي الدرداء لا شاهد فيه إذ لا يتفق فيهما كون اللام للجحود لجواز أن المعنى فما. جمع متأهلاً لغلبة قومي، وما أنا مريداً لأن أدعهما. قوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) أي: إلى ما نهوا عنه لأن عاد يتعدى بإلى.


٣٤٧ - التخريج: البيت لعمرو بن معد يكرب في (ديوانه ص ١٠١؛ ويلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤/ ١١٠؛ وتذكرة النحاة ص ٥٦٠؛ والجنى الداني ص ١١٧؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٥٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٦٢).

المعنى: قومي منتصرون جماعات وأفراداً، فلا قبيلة تغلبهم، ولا يوجد من يقاوم فرساننا كأفراد.