حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 24 - الجزء 2

  أي: يريد الله التبيين ليبين لكم ويهديكم: أي ليجمع لكم بين الأمرين، وأمرنا بما أمرنا به لنسلم، وأريد السلق لأنسى. وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما: الفعل في ذلك كله مقدَّر بمصدر مرفوع بالابتداء، واللام وما بعدها خبر، أي: إرادة الله للتبيين، وأمرنا للإسلام، وعلى هذا فلا مفعول للفعل.

  ومنها اللام المسماة بالْمُقْحَمَة، وهي المعترضة بين المتضايفين، وذلك في قولهم: «يا بُؤْسَ لِلحَرْبِ»، والأصل: يا بؤس الحرب، فأقحمت تقوية للاختصاص، قال [من مجزوء الكامل]:

  ٣٦٠ - يا بُؤسَ لِلْحَربِ الَّتِي ... وَضَعَتْ أَرَاهِطَ فَاسْترَاحُوا


  قوله: (مقدر بمصدر) أي: إن الفعل نفسه مراد منه الحدث فقط لا الزمان ومن هذا القبيل:

  تسمع بالمعيدي خير من أن تراه

  على ما قاله بعضهم وحينئذ فهو مبتدأ وامتناع كون الفعل مبتدأ إنما هو إذا ارتد معناه المطابقي وهو الزمان والحدث، وأما لو أريد منه الحدث فقط فهو مصدر حينئذ فصح كونه مبتدأ فاندفع ما قيل إن قوله مقدر بمصدر يلزم عليه السبك بمصدر بدرن سابك أو حذف إن مع ملاحظة وجودها ورفع الفعل، وحاصل الجواب أن الفعل مراد منه المصدر، وإن كان صورته صورة فعل فلا يحتاج حينئذ لسابك. قوله: (مقدر بالمصدر) أي: مراد منه المصدر وهو الحدث وليس المراد بالتقدير التأويل.

  قوله: (أي إرادة الله) أي: كائنة للتبيين وأمرنا كائن للإسلام. قوله: (فلا مفعول للفعل) أي: إنه لم يرد حقيقته حتى يحتاج لمفعول قوله: (والأصل يا بؤس الحرب) أي: شدته فالنداء للتعجب من تلك الشدة كيف أهلكت هؤلاء القوم ثم زيدت اللام للتوكيد. قوله: (تقوية للاختصاص) أي: لاختصاص الشدة بالحرب. قوله: (وضعت)


٣٦٠ - التخريج: البيت لسعد بن مالك في (خزانة الأدب ١/ ٤٦٨، ٤٧٣؛ وشرح شواهد المغني. ص ٥٨٢، ٦٥٧، والكتاب ٢/ ٢٠٧؛ ٢؛ والمؤتلف والمختلف ١٣٥؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤/ ٣٠٧؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٣٢٦؛ والجنى الداني ص ١٠٧؛ وجواهر الأدب ص ٢٤٣؛ والخصائص ٣/ ١٠٢؛ ورصف المباني ص ٢٤٤؛ وشرح المفصل ٢/ ١٠، ١٠٥، ٤/ ٣٦، ٥/ ٧٢؛ وكتاب اللامات ١٠٨؛ ولسان العرب ٧/ ٣٠٥ (رهط)؛ والمحتسب ٢/ ٩٣).

اللغة: وضعتهم: صغرت مكانتهم، أذلّتهم. الأراهط: جمع أرهط، وأرهط: جمع (رَهط)، ورهط الرجل: قومه (الرجال دون النساء).

المعنى: بئس القوم الذين أذلّتهم الحرب، فاستكانوا إلى الخمول والراحة، ولم ينهضوا لاستعادة عزهم وكرامتهم.