وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  قوله تعالى: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ ٣٦}[المدثر: ٣٦]، فإن كان «النذير» بمعنى «المنذر» فهو مثل {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٦}[البروج: ١٦]، وإن كان بمعنى «الإنذار» فاللام مثلها في «سفياً لزَيْدِ» وسيأتي.
  قال ابن مالك: ولا تزاد لام التَّقوية مع عامل يتعدى لاثنين، لأنها إن زيدت في مفعوليه فلا يتعدى فعل إلى اثنين بحرف واحد؛ وإن زيدت في أحدهما لزم ترجيح من غير مرجُح، وهذا الأخير ممنوع، لأنه إذا تقدَّم أحدهما دون الآخر وزيدت اللام في المقدم لم يلزم ذلك. وقد قال الفارسي في قراءة من قرأ {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}[البقرة: ١٤٨] بإضافة «كلّ»: إنه من هذا، وإن المعنى: الله مُوَلِّ كلَّ ذِي وجهةٍ وجهتَهُ، والضمير على هذا للتولية، وإنما لم يجعل كلاً والضمير مفعولين، ويستغني عن حذف
  اسم فاعل وهو فرع ومؤخر والأصل وكنا شاهدين وحاضرين حكمهم. قوله: (لما يريد) أي: فهي زائدة للتقوية. قوله: (مثلها في سقيا لزيد) أي: فهو لام التبيين الآتي في الثاني والعشرين. قوله: (مع عامل يتعدى لاثنين) أي: لا تزاد مع المفعولين ولا مع واحد منهما كما يدل له قوله لأنها إن زيدت الخ. قوله: (فلا يتعدى فعل الخ) إنما عبر بالتعدية لأن لام التقوية عنده واسطة بين المعدية والزائدة فصحت عبارته واندفع ما يقال إنها ليست معدية. قوله: (لأنه الخ) هذا لا يرد على ابن مالك لأن كلامه فيما إذا تقدم المفعولان معاً أو تأخرا عن العامل ولا شك أنه يلزم حينئذ الترجيح بلا مرجح قطعاً، وأما ما ذكره من تقدم واحد على الفعل وتأخر الثاني عنه فهذا جائز اتفاقاً اهـ دردير. نعم يرد على ابن مالك بيت ليلى فلعله جعله شاذاً.
  قوله: (إذا تقدم أحدهما) أي: أحد المفعولين وقوله دون الآخر أي دون المفعول الآخر. قوله: (إنه من هذا) أي: من باب تقوية العامل الذي تقدم أحد معموليه وتأخر الثاني، وإن كان مجروراً على ما قاله قوله: (وإن المعنى) أشار به إلى أن الضمير هو عائد على الله، وأما على قراءة تنوين كل فالمعنى ولكل واحد وجهة هو أي ذلك الأحد موليها. قوله: (مول كل ذي وجهة) فاللام في لكل زائد للتقوية وفيه حذف ذي وحذف المفعول الثاني وهو وجهة. قوله: (والضمير على هذا للتولية) أي: فهو مفعول مطلق والمعنى مول كل ذي وجهة وجهته. قوله: (والضمير على هذا للتولية) اعترض بأنه لا مانع من عود الضمير على الوجهة وليس في الآية إلا حذف ذي والمعنى والله مول كل ذي وجهة إياها غاية ما يلزم على هذا الوجه عود الضمير على المضاف إليه نحو كمثل آدم حقه من تراب وهو قليل، والغالب عوده على المضاف ما لم يكن لفظ كل أو بعض وإلا عاد على المضاف إليه لأنهما مجرد سور وغيرهما هو المقصود والمضاف إليه مبين له. وقوله: (والضمير) أي: المؤنث في قوله موليه قوله: (عن حذف ذي الخ) أي: بعد كل وقبل وجهة.