حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 30 - الجزء 2

  ومنها لام المُسْتَغَاث عند المبرّد، واختاره ابن خروف، بدليل صحة إسقاطها. وقال جماعة: غير زائدة، ثم اختلفوا؛ فقال ابن جني: متعلّقة بحرف النداء لما فيه من معنى الفعل، ورُدَّ بأن معنى الحرف لا يعمل في المجرور، وفيه نظر؛ لأنه قد عمل في الحال نحو قوله [من الطويل]:

  ٣٦٥ - كأنَّ قُلُوبَ الطير رطباً ويابساً ... لَدَى وَكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي

  وقال الأكثرون: متعلقة بفعل النداء المحذوف، واختاره ابن الضائع وابن عصفور، ونَسَباه لسيبويه، واعترض بأنه متعد بنفسه، فأجاب ابن أبي الربيع بأنه ضمن معنى الالتجاء في نحو: «يا لزيد»، والتعجب في نحو: «يا للدواهي»؛ وأجاب ابن


  قوله: (لام المستغاث) أي: المستغاث به. قوله (بدليل صحة إسقاطها) أي: فتقول يا زيد لعمرو كل ما صح إسقاطه فهو زائد اهـ تقرير دردير قوله: (لما فيه من معنى الفعل) أي: وهو أدعو قوله: (بأن معنى الحرف) المناسب بأن معنى الفعل أي بأن الحرف الذي فيه معنى الفعل قوله: (وفيه) أي: في هذا الرد نظر. قوله: (لأنه) أي: لأن معنى الفعل قد عمل في الحال فأولى الجار والمجرور لأنهم يتوسعون فيه ما لا يتوسعون في غيره ويكفيه رائحة الفعل، وأيضاً فالعامل في الحال عامل في صاحبها فلابد له من قوة. قوله: (في نحو قوله) أي: امراء القيس وفي نحو هذا بعلي شيخاً فشيخاً حال العامل فيه ها أي معناها وهو أشير. قوله: (رطباً ويابساً) أي: فهما حال من اسم كأن وهو قلوب العامل في صاحب الحامل عامل في الحال والعامل هو كان فحينئذ العامل في الحال معنى كأن وهو أشبه. قوله: (واعترض بأنه متعد الخ) هذا أيضاً يرد على القول بأنها متعلقة بيا لتضمنها معنى أدعو لأن ذلك المتضمن يتعدى بنفسه إلا أن يقال المضمن فرع لا يعطي قوة الأصل فيرد عليه مثل ما أورده المصنف على جواب ابن عصفور.

  قوله: (بأنه) أي: فعل النداء وهو أدعو قوله: (بالزيد) أي: التجيء لزيد لأجل خلاص عمرو فاللام حينئذ للتعدية. قوله: (والتعجب) أي: أتعجب من كثرة الدواهي واعترض بأن مادة التعجب تتعدى بمن لا باللام إلا أن تجعل اللام بمعنى من التعليلية وفيه بعد. قوله: (بأنه) أي: فعل النداء الذي نابت عنه يا.


٣٦٥ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ٣٨؛ وشرح التصريح ١/ ٣٨٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٤٢، ٢/ ٥٩٥، ٨١٩؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٤٤؛ ولسان العرب ١/ ٢٠٦ (أدب)؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٢١٦؛ والمنصف ٢/ ١١٧؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧/ ٦٤).

شرح المفردات: العناب: نوع من الشجر له ثمر يشبه حبّة الزيتون. الحشف: رديء التمر.

المعنى: يقول: إن فرسه شبيهة بعقاب صيود سريعة الاختطاف، تناثرت قلوب الطير حول وكرها، والتي تشبه العنّاب والتمر الرديء، دلالة على كثرتها.