حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثاني والعشرون: التبيين

صفحة 36 - الجزء 2

  في معاني «إلى» أيضاً لِمَا بينا، وقد مضى في موضعه.

  الثاني والثالث: ما يُبَيِّن فاعلية غير ملتبسة بمفعولية، وما يُبين مفعوليَّة غير ملتبسة بفاعلية، ومصحوب كلّ منهما إما غير معلوم ممّا قبلها، أو معلوم، لكن استؤنف بيانه تقوية وتوكيداً له، واللام في ذلك كله متعلقة بمحذوف.

  مثال المبينة للمفعولية: «سَقْياً لزيد، وجَدْعاً له»؛ فهذه اللام ليست متعلّقة بالمصدرين، ولا بفعليهما المقدرين، لأنهما متعديان، ولا هي مُقَوِّية للعامل لضعفه بالفرعيَّة إن قدر أنه المصدر، أو بالتزام الحذف إن قدر أنه الفعل؛ لأن لام التقوية صالحة للسقوط، وهذه لا تسقط؛ لا يقال: «سَقْياً زيداً» ولا «جَدْعاً إياه» خلافاً لابن الحاجب ذكره في شرح المفصل؛ ولا هي ومخفوضها صفة للمصدر فتتعلّق بالاستقرار، لأن الفعل لا يُوصَفُ فكذا ما أقيم مُقامه، وإنما هي لام مُبَيِّنة للمدعو له


  هذا في التسهيل في معاني إلى ولم بمهملة قال الشمني منشأ الاعتراض إعادة ضمير يلزمه لابن مالك ويذكر مبنياً للفاعل، وأن هذا اعتراض من المصنف على ابن مالك ويصح أن الهاء راجعة لما قاله ابن مالك ويذكر مبني للمجهول وهذا بيان لما يقتضيه كلام ابن مالك، وأن المصنف قد فعل ذلك المقتضي.

  قوله: (هذا المعنى) أي: وهو تبيين الفاعل وقوله أيضاً أي كما يذكر في معاني اللام، وقوله: لما بينا من أن إلى تأتى للتبيين قوله: (لكن استؤنف) هذا راجع لقوله معرم وقوله بيانه أي ذكره وقوله وقوية للبيان أي الحاصل بعلمه مما قبلها. قوله: (وتوكيداً له) تفسير لقوله تقوية للبيان، وقوله: لكن استؤنف الخ أشار به إلى أن لام التبيين واقعة في جملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر كما يأتي. قوله: (المبينة للمفعولية) أي: لكون مدخولها مفعولاً قوله: (وجدعا) بالدال المهملة أي قطعاً لأنفه لأن الجدع بسكون المهملة قطع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفعة، وأما بالذال المعجمة الساكنة فمعناه سجناً له، فعلى كل حال هو دعاء عليه بخلاف سقيا له فإنه دعاء له. قوله: (ولا بفعليهما) أي: بفعل المصدرين وهو سقي وجدع. قوله: (لأنهما متعديان) أي: لأن المصدرين والفعلين متعديان بأنفسهما وهذا علة لقوله وهذه اللام ليست متعلقة بالمصدرين ولا بفعليهما. قوله: (خلافاً لابن الحاجب) القائل بجواز سقوطها قال الدماميني لم يستند المصنف في رد كلام ابن الحاجب شيخ المحققين إلى نقل يعتمد عليه. قوله: (ولا هي ومخفوضها صفة) أي: لمعنى سقيا كائناً لزيد وجدعاً كائناً له. قوله: (فتتعلق بالاستقرار) أي: بحيث تكون متعلقة بالاستقرار. قوله (فكذا ما أقيم مقامه) أي: وهو المصدر فلا يجوز وصفه حالة قيامه مقام الفعل فلا تقول ضرباً شديداً إلا إذا صرحت بالفعل. قوله: (للمدعو له) راجع لسقيا وقوله أو عليه راجع لقوله جدعاً.