وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ}[محمد: ٨] كونَ «الذين» في موضع نصب على الاشتغال فوهم.
  وقال ابن مالك في شرح بابِ النَّعت من كتاب التسهيل: اللام في «سفياً لك» متعلقة بالمصدر، وهي للتبيين، وفي هذا تَهَافُت، لأنَّهم إذا أطلقوا القول بأن اللام للتبيين فإنما يُريدون بها أنها متعلقة بمحذوف استؤنف للتبيين.
  ومثال المبينة للفاعلية «تبا لزيد وويحاً له» فإنهما في معنى: خَسِرَ وهَلَكَ. فإن رفعتهما بالابتداء، فاللام ومجرورها خبر، ومحلها الرفع، ولا تبيين، لعدم تمام الكلام.
  فإن قلت: «تَبَّا له ووَيْحٌ» فنصبتَ الأول ورفعت الثاني لم يجز، لتخالف الدليل
  سقيا فلا يكون سقيا المذكور مشتغلاً بضمير إلا سلا السابق حتى يفسر عاملاً فيه. قوله: (فوهم) أي: غلط أي فلا يرد على ما قلنا من منع الاشتغال قوله: (فوهم) أي: لأن قوله فتعساً لهم اللام فيه للتبيين وهي من جملة أخرى، وحينئذ فلا تفسر تعساً محذوفاً قبل الذين لعدم اشتغاله بالعمل في ضمير الاسم السابق ويمكن الجواب عنه بأن تعساً هنا لازم فتكون اللام للتعدية لا للتبيين فاللام متعلقة بتعساً فيفسر عاملاً ورد بأن تعساً، وإن كان لازماً لكن لا يتعدى باللام فهي للتبيين. قوله: (تهافت) أي تناف لأن مقتضى كونها للتبيين أنها متعلقة بمحذوف ومقتضى كونها متعلقة بالمصدر أنها ليست للتبيين فهذا تناف كذا قرره شيخنا دردير والأولى تهافت أي خروج عن قواعدهم كما قال بعد. قوله: (استؤنف للتبيين) أي: وحينئذٍ فجعل اللام للتبيين متعلقة بمذكور خروج عن قواعدهم. قوله: (ومثال المبينة للفاعلية) أي: لفاعلية مدخولها قوله: (في معنى خسر) راجع لتباً وقوله وهلك راجع لو يحال وقصده بذلك إن زيداً هو الفاعل لأنه قام الخسران والهلاك به، واعلم أن فعله تب، وأما ويحاً فلا فعل له من لفظه وقوله فإنهما في معنى خسر أي وحينئذ فزيد هو الفاعل واللام لتبيينه متعلقة بمحذوف أي أرادني كائنة لزيد. قوله: (لعدم تمام الكلام) أي: بنفس اللام أي وشرط لام التبيين أن تكون بعد تمام الكلام لما علمت أنها متعلقة بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف والجملة مستأنفة فلا يتأتى وقوع اللام في جملة مستأنفة إلا إذا تم الكلام بدونها اهـ: تقرير در دير.
  قوله: (فنصبت الأول ورفعت الثاني) أي: مع حذف اللام من الثاني كما علمت وكذا لو عكست الإعراب أو الحذف أما إن خالفت الإعراب وذكرت اللام معهما أو وافقته وحذفت اللام في أحدهما لجاز لاتحاد الدال والمدلول، والحاصل أن المنع في صور أربعة وهي ما إذا رفعت الأول ونصبت الثاني أو العكس وحذفت اللام في كل منها من الأول أو الثاني والجواز في صورتين قوله: (لتخالف الدليل) وهي اللام التي للتبيين