حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 43 - الجزء 2

  خلقنا الكواكب في السماء زينة وحفظاً، وإما متعلّق بفعل مقدر مؤخر، أي: ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله أنزله؛ ومثله: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ}⁣[الجاثية: ٢٢]، أي: وللجزاء خلقهما؛ وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}⁣[الأنعام: ٧٥]، أي: وأَرَيْنَاهُ ذلك؛ وقوله تعالى: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ}⁣[مريم: ٢١]، أي: وخلقناه من غير أب.

  وإذا كان مرفوع فعل الطَّلبِ فاعلاً مُخاطباً استغنى عن اللام بصيغة «افْعَلْ» غالباً، نحو: «قُمْ» و «أقْعُدْ»؛ وتجب اللام إن انتفت الفاعلية، نحو: «لِتُعْنَ بحاجتي»، أو الخطاب، نحو: «ليَقُمْ زَيْد»، أو كلاهما، نحو: «لِيُعْنَ زَيْدٌ بحاجتي». ودخول اللام على فعل المتكلم قليل، سواء أكان المتكلم مفرداً، نحو قوله عليه الصلاة والسلام: قومُوا فَلأُصَلِّ لكم»، أو معه غيره كقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}⁣[العنكبوت: ١٢]. وأقل منه دخولها في فعل الفاعل المخاطب


  قوله: (وأما متعلق الخ) عطف على قوله وأما معطوف الخ. قوله: (بفعل مقدرة مؤخر) أي: عن هذه العلة وإنما قدر الفعل مؤخراً لإفادة الاختصاص أو لتناسب إظهار اسم الإنجيل، وإن كان الأصل الضمير فلما حذف أظهر. قوله: (ومثله وخلق الله الخ) أي: مثله في تعلق اللام بمحذوف قوله: (بالحق) أي: خلقاً متلبساً بالحق. قوله: (وللجزاء خلقهما) وهو عطف جمل. قوله: (وقوله سبحانه الخ) عطف على خلق الله الخ. قوله: (وأريناه ذلك) أي: فيكون قوله ولنجعله متعلقاً بخلقناه. قوله: (وخلقناه من غير أب) أي: لنجعله آية الخ. قوله: (وإذا كان الخ) حاصله أن فعل الطلب إذا كان مرفوعة فاعلاً مخاطباً فإنه يستغني عن لام الأمر بصيغة أفعل غالباً، ومن غير الغالب قد يؤتي باللام فإن انتفت فاعليه المرفوع أو انتفى الخطاب أو انتفيا وجبت اللام. قوله: (غالباً) ومن غير الغالب تأتي لكنه أقل من القليل الآتي كما يأتي له، وفي قراءة فبذلك فلتفرحوا قوله: (لتعن بحاجتي) فمرفوع لتعن نائب فاعل وهو الضمير المستتر وقد وجد الخطاب هنا دون الفاعلية. قوله: (أو الخطاب) أي: وإن انتفى الخطاب بأن كان المأمور الغائب فقط لا إن كان المتكلم وإلا فدخولها قليل كما يأتي.

  قوله: (أو كلاهما) أي: أو انتفى كل من الفاعلية والخطاب. قوله: (ودخول اللام على فعل المتكلم) أي: ولو كانت لغير الطلب كما سبق في ولنحمل خطاياكم. قوله: (قليل) أي: لأن المتكلم لا يأمر نفسه سواء كان مفرداً أو معه غيره.

  قوله: (أو معه غيره) المناسب في التعبير أو جمعاً وذلك أن الفاعل ضمير المتكلمين كلهم لا متكلم وغير متكلم إلا أن يلاحظ قول كل فرد مخبراً. نفسه عن وغيره. قوله: