فهو على قُبحه جائز؛ لأنه عَطْفٌ على المعنى إذ «اخمشي» و «لْتَخْمِشي» بمعنى واحد.

  وهذا الذي منعه المبرد في الشعر أجازه الكسائي في الكلام، لكن بشرط تقدم «قُلْ»، وجعل منه: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[إبراهيم: ٣١]، أي: ليقيموها؛ ووافقه ابن مالك في شرح الكافية، وزاد عليه أن ذلك يقع في النثر قليلاً بعد القول الخبري كقوله [من الرجز]:

  به حرب وقوله فاخمشي أي الطمي وقطعي بابه ضرب ونصر. قوله: (حر الوجه) هو ما بدا من الوجنة وهو مفعول اخمشي قوله: (أو يبك) أصله عند الجمهور ليبك حذفت اللام والمبرد يقول إنه ليس محذوف اللام بل هو عطف على معنى فاخمشي لأن معناها فلتخمشي فاللام مسلطة على المعطوف لكن اللام مأخوذة من المعطوف بحسب المعنى وليست محذوفة، ويحتمل أن المبرد يقول أن اللام محذوفة من المعطوف ومحل منع حذف اللام ما لم يوجد مسوغ وهنا وجد وهو العطف على المعنى والأول أقرب.

  قوله: (على قبحه الخ) وجه القبح أنه في الصورة فيه حذف لام الأمر ووجه الجواز أنه في المعنى من تسليط لام الأمر التي في المعطوف عليه المتصيد بواسطة العاطف وليس فيه حذف. قوله: (وهذا الذي منعه المبرد) أي: وهو حذف لام الأمر وبقاء معمولها. قوله: (في الكلام) أي: النثر. قوله (لكن بشرط تقدم قل) أي: تقدم طلب من مادة القول.

  قوله: (يقيموا الصلاة) فيقيموا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر لمحذوفه لوقوع أمر قبلها وسيأتي أن الجمهور يخالفونه قوله: (وزاد عليه أن ذلك يقع في النثر) مراده به ما عدا الضرورة فيشمل ما وقع في الشعر فصح الاستشهاد بالبيت أو يقال إن الاستشهاد من حيث إن ما جاز في الشعر اختياراً جاز في النثر لأن هذا كلام ابن مالك الذي يرى أن الضرورة ما ليس للشاعر عنه مندوحة لا كل ما وقع في الشعر. قوله: (أن ذلك) أي: حذف لام الأمر وإبقاء معمولها. قوله: (بعد القول الخبري) أي: ولا بشرط الطلب. قوله: (كقوله) مثال لما وقع في النثر بعد القول الخبري. قوله: (فإن قلت) إن هذا شعر فلا يصح التمثيل به. (قلت) وهو وإن كان شعراً لكن الحذف فيه اختياراً وكل ما جاز اختياراً في الشعر جاز نثراً أو يقال قوله كقوله الخ، مثال لما وقع بعد القول الخبري بقطع النظر عن النشر.

ص ٢٦١، ١٠٣٣؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٢٨؛ وسر صناعة الإعراب ١/ ٣٩١؛ وشرح المفصل ٧/ ٦٠، ٦٢؛ ولسان العرب ٧/ ١٢١ (بعض)؛ والمقتضب ٢/ ١٣٢).

اللغة: البعوضة: اسم مكان بعينه، كانت فيه موقعة قتل فيها جماعة من قوم الشاعر.

المعنى: فلتخمشي وجهك على قتلى موقعة البعوضة، وليبك عليهم البواكي.