وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  والثالث للجمهور، أنه بشرط مُقَدَّر بعد الطلب.
  وهذا أرْجَحُ من الأوّل، لأن الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنهما خلاف الأصل، لكن في التضمين تغيير معنى الأصل، ولا كذلك الحذف، وأيضاً إن تضمين الفعل معنى الحرف إما غير واقع أو غيرُ كثير.
  ومن الثاني، لأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط.
  وأبطل ابن مالك بالآية أن يكون الجزمُ في جواب شرط مقدر، لأن تقديره
  قوله: (إنه بشرط مقدر) أي: مجزوم بشرط مقدر هو والفعل الذي هو فعل الشرط وهذا المجزوم جوابه. قوله: (وهذا) أي: الثالث أرجح من الأول أي من القول الأول.
  قوله: (لأن الحذف) أي: كما هو القول الثالث والتضمين كما في الأول. قوله: (لكن في التضمين الخ) أي: فوجد للحذف مرجح في التضمين. قوله: (لكن في التضمين تغيير معنى الأصل) قد يقال هذا في التضمين بمعنى إشراب الكلمة معنى كلمة أخرى وهذا ليس مراد القول الأول إذ لا يسع أحد أن يقول إن معنى قل في قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة تعليق الإقامة على القول بل معناه طلباً للقول قطعاً. ومعنى تضمنه معنى إن الشرطية أن العرب لا يستعملون فعل الطلب وبعده مضارع مجزوم إلا في مقام يكون القصد فيه ترتب مضمون على مضمون فعل الطلب كالقول. قوله: (تغيير معنى الأصل) إنما كان فيه تغيير لمعنى الأصل لأن فعل الطلب وضع ليدل على طلب مدلوله لذاته لا لترتب الغير عليه فجعلها من باب التضمين إخراج لصيغة الطلب عن أصل وضعها. قوله: (ولا كذلك الحذف) أي: ليس فيه تغيير لمعنى صيغة الطلب. قوله: (فإن تضمين الفعل الخ) أي: بخلاف تضمين الاسم معنى الحرف فإنه كثير في أسماء الشروط والاستفهام، ولذلك تضمن الفعل معنى فعل آخر. قوله: (إما غير واقع أو غير كثير) قال الدماميني بل هو واقع بكثرة ألا ترى نعم وبئس وحبذا وعسى وصيغ التعجب فإنها مضمنة معنى الحرف الذي حقه أن يوجد لأن كل معنى كالمدح والذم والمقاربة حقه أن يؤدى بالحرف، وأجاب الشمني بأن المراد بالحرف الموجود وعليه فإنما قال المصنف أو غير لا حتم وقوعه وهو كذلك ألا ترى ليس فإنها مضمنة معنى النفي مع إن حرف النفي موجود كما ولا.
  قوله: (لأن نائب الشيء يؤدي معناه) أي: بحسب الشأن وإلا فقد يقال كلامنا. النيابة من حيث كونه عاملاً وهي لا تستلزم النيابة من حيث المعنى كما أن النيابة من حيث الكون معمولاً لا تستلزم ذلك، ألا ترى نيابة المفعول عن الفاعل مع اختلاف معناهما.
  قوله: (الآية) أي: في الآية السابقة وهي قل لعبادي، وإنما قلنا أي في الآية لأن الدليل الذي قاله إنما ينتج ذلك إلا أنه ينتج البطلان مطلقاً. قوله: (لأن تقديره) أي: بقل لعبادي أقيموا الصلاة إن قيل لهم أقيموا الصلاة يقيموها، وقوله يستلزم أي من حيث أن هذا خبر المولى وخبر المولى لا يتخلف وليس الاستلزام من حيث التعليق على الشرط؛ لأن