حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 51 - الجزء 2

  أقم». ولا يجوز أن يتوافقا فيهما، وأيضاً فإن الأمر المقدَّر للمواجهة، ويُقيموا للغيبة.

  وقيل: «يُقيموا» مبني؛ لحلوله محل «أقيموا»، وهو مبني، وليس بشيء.

  وزعم الكوفيون وأبو الحسن أن لام الطلب حُذِفَتْ حذفاً مستمراً في نحو: «قم» و «اقعدْ» وأن الأصل: «لتَقُمْ» و «لْتَقْعُد»، فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حَرْفُ المضارعة.

  وبقولهم أقول؛ لأن الأمر معنّى حَقَّه أن يُؤَدَّى بالحرف، ولأنه أخو النهي ولم يُدَلَّ عليه إلا بالحرف، ولأن الفعل إنما وُضع لتقييد الحدث بالزمان المحصل، وكونه أمراً أو خبراً خارج عن مقصوده، ولأنهم قد نطقوا بذلك الأصل كقوله [من الخفيف]:

  ٣٧٦ - لِتَقُمْ أَنْتَ يَا ابْنَ خَيْرِ قُرَيْشٍ ... [كَيْ لِتَقْضِي حَوَائِجَ المُسلمينا]

  وكقراءة جماعة: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}⁣[يونس: ٥٨]، وفي الحديث: «لتأخُذوا مَصَافكم»؛ ولأنك تقول «اغْزُ»، و «اخْشَ»، و «ازم» و «اضربا»، و «اضربوا»


  مختلف قوله: (قم أقم) فالفاعل في الأول مخاطب والثاني متكلم والفعل متحد. قوله: (ولا يجوز أن يتوافقا فيهما) أي: وعلى كلام المبرد توافقا فيهما. قوله: (فإن الأمر المقدر) أي: المجزوم في جوابه وهو أقيموا وقوله: للمواجهة أي ولا تجاب المواجهة بلفظ الغيبة إذا كان الفاعل واحداً كما هنا قوله: (ويقيموا للغيبة) أي: فلا يصح كونه جواباً للأمر المقدر إذ لو كان جواباً له لقيل تقيموا بالمثناة الفوقية. قوله: (وقيل يقيموا الخ) أي: إن قوله يقيموا خبر مراد به الأمر كما إن قوله تؤمنون معناه آمنوا فعبر بالمضارع وأريد الأمر واعترض عليه بأنه لو كان يقيموا خبراً لأعرب كما أن تؤمنون معرب فأجاب بأنه بنى لحلوله محل المبني فرد عليه المصنف بأنه ليس من أسباب البناء حلوله محل المبني. قوله: (حذفاً مستمراً) أي: لازماً قوله: (وبقولهم أقول) أي: فعلي هذا الفعل إما ماض أو مضارع فقط. قوله: (بالزمان المحصل) أي: الحاصل بالفعل وذلك في الماضي والمضارع لأن الزمان في الأول حصل في الماضي وفي الثاني حاصل في الحال، وقوله كونه أي الفعل. قوله: (عن مقصوده) أي: الواضع. قوله: (فبذلك فلتفرحوا الخ) أي: فلم يقل فافرحوا ولا خذوا بل أتى بالمضارع مع اللام. قوله: (ولأنك تقول اغز واخش الخ) أي: بحذف حرف العلة كما تحذفها في حالة الجزم فدل هذا على أن أغزو ما بعده مضارع مجزوم بلام الأمر المقدرة.


٣٧٦ - التخريج: البيت بلا نسبة في (تذكرة النحاة ص ٦٦٦؛ وخزانة الأدب ٩/ ١٤، ١٠٦؛ وشرح التصريح ١/ ٥٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٢).

المعنى: لتكن أنت أفضل من يقضي حوائج المسلمين ويلبي طلباتهم.