وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  و «اضربي»، كما تقول في الجزم؛ ولأن البناء لم يُعهد كونه بالحذف؛ ولأن المحققين على أن أفعال الإنشاء مجرَّدة عن الزمان كـ «بعت» و «أقسمت» و «قبلت»؛ وأجابوا عن كونها مع ذلك أفعالاً بأن تجرُّدَهَا عارض لها عند نقلها عن الخبر، ولا يمكنهم ادعاء ذلك في نحو: «قُمْ»، لأنه ليس له حالة غير هذه، وحينئذ فتشكل فعليته، فإذا أدعى أن أصله: «لتقم» كان الدال على الإنشاء اللام لا الفعل.
  وأما اللام غير العاملة فسبع:
  إحداها: لام الابتداء، وفائدتها أمران: توكيد مضمون الجملة، ولهذا زَحْلَقُوها في باب «إِنَّ» عن صدر الجملة كراهِيَةَ ابتداء الكلام بمؤكدين، وتخليص المضارع للحال. كذا قال الأكثرون، واعترض ابن مالك الثاني بقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[النحل: ١٢٤]، {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ}[يوسف: ١٣]، فإن «الذهاب» كان مستقبلاً، فلو كان الحزن حالاً لزم تقدُّمُ الفعل في الوجود على فاعله مع أنه أثره؛ والجواب أنَّ الحكم واقع في ذلك اليوم لا محالة، فنزل منزلة الحاضر
  قوله: (كما تقول في الجزم) أي: في قولك لتغز ولتخش ولترم ولتضربوا ولتضربي. قوله: (ولأن البناء لهم يعهد كونه بالحذف) أي: وإنما عهد كونه على حركة أو سكون أو على حرف. قوله: (ولأن البناء لم يعهد الخ) أي: وكوننا نقول أن اغز واخش وارم أفعال أمر مبنية على حذف حرف العلة منافٍ ليغزو ليخشى فإنها أفعال مضارعة مجزومة ففيه أن البناء لم يعهد فيه كونه بالحذف. قوله: (وأجابوا الخ) هذا جواب عما يقال إذا تجردت عن الزمان لا تكون أفعالاً إنها أفعال مع عندهم. قوله: (عن الخبر) أي: للإنشاء قوله: (ولا يمكنهم ادعاء ذلك) أي: ادعاء التجرد لعارض النقل قوله: (غير هذه) الحالة أي وهي الدلالة على الإنشاء. قوله: (فيشكل الخ) أي: لأنه إنشاء والإنشاء مجرد عن الزمان فلا يكون فعلاً مع إنه فعل دال على الزمان اتفاقاً. قوله: (لا الفعل) أي: الدال على الزمان. قوله: (فسبع) أي: فسبعة أقسام قوله: (لام الابتداء) أي: وحركتها الفتح. قوله: (كراهبة الخ) حاصله أن أصل التوكيد أن يكون متأخراً عن الكلام لأن تأكيد الشيء بعد تقرره وثبوته في نفسه ولكنهم اغتفروا في بعض الأحيان تقدم التوكيد إشارة إلى إن ما يأتي له قوة ومحقق لما بت ولا بد، ولما كان ليس الصدر محل التأكيد كرهوا اجتماع مؤكدين في غير محلهما وهذا ليس بالقاطع ألا ترى والله إن زيداً قائم وكأنه اغتفر لأن القسم جملة فليس كالحرف في أن افتتاح الجملة بعده تأمل قوله: (ليحكم بينهم) أي: من شك أن الحكم بينهم يوم القيامة وهو مستقبل. قوله: (إن تذهبوا به) في تأويل المصدر فاعل بيحزن وقوله فإن الذهاب كان مستقبلاً أي فليكن الحزن كذلك وإلا لو كان الحزن حالاً لزم الخ. قوله: (مع إنه أثره) أي: وأثر الشيء لا بد أن يكون بعد وجوده. قوله: